ها قد عبرنا الربع الأول من مسيرة قادها جلالة الملك عبدالله الثاني عبر مطحنة من الأحداث الجسام، ففي غمرة الصعود نحو الدولة الحديثة التي تبناها جلالته وركز فيها على التغيير الإيجابي مستهدفاً نقلة نوعية لدولة باتت غالبية مواطنيها من الشباب، وقعنا في دوامة الصراع الدموي الذي نتج عن إنهيار برجي التجارة في نيويورك إذ قامت أمريكا ولم تقعد مستهدفة دولاً إسلامية وعربية، حيث شنت جيوش الولايات المتحدة حرباً على إفغانستان والسودان ثم انتقلت بالتزامن لغزو العراق والذي خلّف إنهيار ذلك البلد الذي كان أحد أعمدة القوة والاستقرار في الشرق الأوسط، فما كان من جلالته إلا أن اقتحم عواصم الغرب لشرح مضامين العقيدة الإسلامية المبنية على السلام وحسن الجوار والحوار الحضاري بين الشعوب، ما استغرق من الملك سنوات طويلة لرأب صدوع تهدمت جدرانها، ليس خشية على الوطن الأردني فحسب، بل حتى على القضية الفلسطينية التي تراوح مكانها، ولأن العمر يسير مسرعاً؛ فإن الملك كان أسرع في إيصال الرسائل وأخذ الجولات المتعددة على الدول ذات الصلة بمنطقتنا، أكان ذلك على منصة الأمم المتحدة أو مع دول بعينها.
اليوم بات الملك أكثر صلابة في خطابه، مستلاً لسيف الحق خشية على بلده ممن يحيطون بهذا البلد من خوارج و عصابات مارقة وتجار السمّ الأبيض وتخزين الأسلحة وتهريبها لضعضعة استقرار وطننا الذي لم يكن إلا خيمة وارفة الظلال لجميع الشعوب العربية التي عاث البغاث بها، محذراً أي جهة قد تخترق بلدنا، فكانت كلماته تقدح شرراً مستطيرا في وجه كل طامع أو طامح، وهو يزهو بجنده المخلصين رافعين جباههم و قابضين على وطنهم، وهي رسالة للجميع، أن الأردن عصيّ لا تلين قناته.
ولقد أوضح الملك بلسان غير ذي عوج و بهدير يعيد بذاكرته للقوات الخاصة، حيث كان مفعماً بالنشاط والانضباط، ليؤكد مرارا أن الأردن قوي منيع بفضل المؤسسة العسكرية الأردنية من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي تقف سداً منيعاً في وجه كل معتدٍ تسول له نفسه العبث في إستقرار وأمن الأردن، وأن قواتنا المسلحة ما كانت يوماً إلا السند الدائم لأشقائنا العرب.
وحيث عاد للبدء بخارطة طريق جديدة يحملها الشعب العظيم لمستقبل الأردن ودولته، متباهياً بشعبه وجيشه وقيادته، مشيراً إلى أن الأردن أسس بنيانه على القيّم الأصيلة التي يمتلكها أبناء شعبه على الشهامة والمروءة والنخوة والشجاعة والدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وما زال الأردنيون مساندين ومدافعين عن بلدهم وعروبتهم ويقدمون أغلى ما عندهم، وليس أكبر مثالٍ سوى الشهداء الذين خضبوا بدمائهم الطاهرة أسوار القدس الحبيبة وأرض فلسطين العظيمة، ولن يحيد الأردنيون عن بوصلتهم تجاه القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا الأولى ولن نتخلى عنها أبداً وسيبقون مدافعين عنها حتى تنجز الدولة الفلسطينية، مؤكدا أن الأردن سيبقى يعتز بعروبته وبالدفاع عن القضايا العربية والأمة الإسلامية.
وكما إشار جلالة الملك؛ فإن الأردن مرّ بتحديات وأزمات إقليمية ودولية كما ذكرتها سابقا، إلا أنه بقيّ صامدا بثبات وقوة أستندت على وحدة هويتنا الوطنية التي كانت سداً منيعاً في وجه تلك الأخطار التي حاولت النيل من بلدنا ومواطنينا، حيث كانت تفجيرات الفنادق في العاصمة عمان، واحدة من أسوأ الأحداث التي شهدناها على أيدي حفنة مارقة استهدفت الأبرياء وقلبت الأفراح أتراحاً، ما استدعى أن ينخرط جيشنا العربي ومؤسستنا الأمنية والاستخبارية في مواجهة خفافيش الليل التي لم تنل منا سوى الصلابة والقوة.
يدرك جلالته إن الأردن يمتلك من الكفاءات والقدرات البشرية القادرة على صناعة مستقبل الأردن المشرق ورفعته وفتح آفاق جديدة عالمية تساهم في رفعته، مؤكداً على ثقته بالأردنيين في مسيرة التحديث الشامل وإطلاق الإمكانيات الاقتصادية التي تساهم في نهضة الأردن الاقتصادية وزيادة الفرص وتعظيم الإنجاز ومواصلة مسيرة التحديث والبناء لمستقبل عظيم.
لا شك أن الملك استلّ سيفه، كيف لا وهو محاط برماح صقيلة ومنعة يحيطها دروع لا تلين قناتهم، ليحرسوا ويحموا أرض الوطن، فهاهم الأسود البواسل يضربون المثل الأعلى لدحر كل من يعتدي على تراب هذا الوطن الذي جمع الملايين ممن هربوا عن ويلات ديارهم لينعموا بالحماية والأمان في بلد يؤثّر على نفسه، ويشملهم برعاية لا يحسدوا عليها، وكما نرى كيف أنّ الشعب الأردني آثر العيش الكريم دون منة، وهذا الشعب يستحق الحياة الكريمة لأنهم كرام بررة يخشون على بلدهم ويؤثرون ولو كان بهم خصاصة، وهذه هي الحماية للشعب الأردني ضمن تطلعات لمستقبل أفضل رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها بلدنا، كما رأينا أهازيج الفرح والزهو بجيشهم وأمنهم الذين يحمون الوطن الضارب في أعماق التاريخ، ويهبون عند اللقاء، وما كان ذلك الخطاب الملكي إلا إشارة واضحة لكل من يريد النيل من عزيمة هذا الشعب وهذه الدولة.
Royal430@hotmail.com
الراي