قبل 25 عاما كنت من بين من تشرفوا بحضور الاحتفال المهيب في القصور الملكية العامرة بالجلوس الملكي لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين كان قد مرّ على تسلمه حفظه الله سلطاته الدستورية اربعة أشهر وكانت انظار العالم تتجه الى عمان التي ودّعت الملك الحسين الباني وتتطلع لتجد ملامح هذا العهد الجديد، ورأينا مع الكثيرين هذا الأمير الشاب الآتي من رحم الجيش العربي وقد انخرط في عمله العسكري وهو يقود العمليات الخاصة وكنت من المحظوظين الذين تشرفوا واقتربوا من قائد العمليات الخاصة العميد الركن عبد الله بن الحسينوكنا نرى فيه هذه الروح الوثابة التي هي صفة الجنرالات والقادة المزينين بأخلاق الجندية وروح الفروسية.
اليوم أقف مع الاردنيين الذين عاشوا هذه السنوات التي مرت وحملت معها العديد من المفاجآت والاحداث الجسام وشكلت تحديات لوطننا وقائدنا ولشعبنا نصل الى اليوبيل الفضي وقد اكتنزت سيرة الملك القائد بالإنجازات وظل حافظا على ارث الاباء والاجداد وفيا للوطن وحاميا للعهد، فقد رأينا احداث 11 سبتمبر التي شكلت مفصلا في التاريخ الحديث لينبري بعدها عبد الله الهاشمي متصديا لتداعيات هذا الحدث الذي شوّه صورة الامة.
وكشاهد عيان على تلك الاحداث التي رأيناها وعايناها ورأينا أثرها وتأثيرها على الساحة الدولية اذكّر ان البداية كانت بأطلاق رسالة عمان التي جاءت لتكون ام الوثائق، وكتَبها بحبر هاشمي وخطّها عبد الله الثاني لتصبح اداة بأيدي الامة بل بأيدي الكثيرين في هذا العالم الذين تبنوا خط الوسطية والاعتدال.
وتنتشر الرسالة وتصل الى اصقاع كثيرة من هذا العالم؛ وتشرفنا بحملها ونقلناها مع نموذج انجزه الاردنيون بقيادة الهاشميين حتى صار قدوة للكثيرين وشاهدا على انجاز حضاري وانساني يأخذ قيمته من استناده الى تعليم روحي يحضّ الجميع على صنع السلام ونشر الوئام.
نقف بين يدي اليوبيل فرحين مستبشرين، يملانا الاعتزاز باننا نلتف حول عرش هاشمي نذر نفسه من اجل كرامة الوطن وخير ابنائه ونتطلع حولنا فنجد عظم الانجاز رغم جسامة تلك الاخطار التي تحوّلها حكمة عبد الله الثاني الى تحديات وتُترجم للحفاظ على استقرار الوطن وخير هذه المنطقة وهذه التلال التي شهدت تتويج ملوك الهاشميين هي نفسها التي تطل على القدس.
فنستذكر في اليوبيل مواقف مليكنا المفدى صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ونستذكر دعم جلالته المنقطع النظير لصمود اهلنا في المدينة المقدسة فيما نستذكر صورة صفرونيوس مع ابن عمه الخليفة عمر الفاروق وهما يسجلان اجمل صوره للوئام في التاريخ، وهذا ارث حرص جلاله الملك عبد الله الثاني ان يحمله وينشره، ونراه في هذا العالم وفي مساحات وباحات واماكن كثيرة يحتفل فيها الكثيرون بالأسبوع العالمي للوئام بين الاديان، وهو نتاج درس هاشمي رسمه عبد الله الثاني وتلقاه العالم واعتمده ليكون نهجا لصنع السلام والوئام بين اتباع السماء.
في اليوبيل نتطلع بكل الفخر والاعتزاز الى ما ترسخ في وطننا الاردني من تآخ ووئام حتى أصبح نموذجا يحتذى فيما نستذكر دفاع جلالته وهو يتصدى لتعزيز الحضور المسيحي العربي في المنطقة وهو يؤكد على ان المسيحيين الذين كانوا جزءا من ماضي هذه المنطقة هم جزء من حاضرها وسيكونون جزءا من مستقبلها.
وفي اليوبيل أستذكر مشهدا حُفظ في القلب عندما تشرّفت أن أكون بمعية جلالته ورأيت ذلك الترحيب بالملك الهاشمي وهو يجلس في صدر الكاتدرائية الوطنية في واشنطن في احتفال تكريمه بجائزة تمبلتون، ولن انسى كيف كانت الوجوه والقلوب وهي ترى وجه عبد الله يملأ المكان بشرا وفرحا وبهاء وقد صدحت في ارجلء الكاتدرائية عزفت أنشودة «طلع البدر علينا».
في اليوبيل الفضي لعبد الله الثاني حفظه الله أقول طلع هذا الملك البدر علينا وهو البدر الذي يتطلع دوما بكل توقير واحترام الى الاماكن المقدسة من عمان عاصمة عرشه والرسالة والعزم.
في اليوبيل اهنئ وأبارك مع دعاء صادق ان يحفظ الله صاحب اليوبيل وولي عهده والوطن .
الدستور