نائب مصري يجيب على سؤال كيف نجح الملك عبدالله؟
10-06-2024 12:47 PM
عمون - كتب عضو مجلس النواب المصري - رئيس تحرير صحيفة «الأسبوع» المستقلة مصطفى بكري مقالا اجاب فيه على سؤال كيف نجح الملك عبدالله الثاني في تحقيق الاستقرار وتجاوز الأزمات؟، تزامنا مع الذكرى الـ 25 على تولي جلالته عرش المملكة.
وأبرز بكري في عناوين مقاله، أن جلالة الملك عبد الله الثاني بدأ مسيرته بالإصلاح الاقتصادي، وواجه الربيع العربي بالإصلاح السياسي، ورفض غزو العراق، وسعى للوساطة في أزمات سوريا وليبيا واليمن.
وقال بكري في مقالته التي تنشرها عمون تاليا كما نشرها في صحيفة الاسبوع المصرية، إن الملك أظهر منذ تولي العرش وتسلُّم السلطات الدستورية وعيًا بالتحديات التي تواجه الأردن على كافة الاتجاهات، فكانت مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتطوير البنية التحتية وجذب الاستثمار الأجنبي والعربي في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وانعكاس الأوضاع الخارجية على الأردن.
وأضاف، أن مسيرة الإصلاح السياسي التي حمل رايتها الملك عبدالله، عكست دليلاً على حنكته وقدرته على تجاوز محاولات هدم الدولة الوطنية في زمن ما سُمي بـ «الربيع العربي»، إذ تميزتِ السياسة الداخلية للملك طيلة الخمسة والعشرين عامًا الماضية بقدرة فائقة على تجاوز الأزمات التي حاول البعض اختلاقها أو استغلالها لإثارة الفتن على أرض الأردن، ولكن وعي الملك وفهمه لطبيعة الواقع مكَّناه من التعامل بحكمة وذكاء وقدرة فائقة على اتخاذ خطوات استباقية أجهضتِ المؤامرات المحكمة التي استهدفت أمن واستقرار البلاد.
وتاليا مقالة البكري:
كيف نجح العاهل الأردني في تحقيق الاستقرار وتجاوز الأزمات؟
الملك عبد الله الثاني بدأ المسيرة بالإصلاح الاقتصادي.. وواجه الربيع العربي بالإصلاح السياسي
رفض غزو العراق.. وسعى للوساطة في أزمات سوريا وليبيا واليمن
علاقات متميزة مع مصر.. وتنسيق مشترك لمواجهة العدوان على غزة.. ورفض مخطط التهجير
خمسة وعشرون عامًا مضت على تولي الملك عبد الله الثاني بن الحسين سلطاته الدستورية في الأردن الشقيق في التاسع من يونيو (حزيران) 1999.
خمسة وعشرون عامًا والأردن يواجه الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية بحكمة وحنكة وقدرة على مواجهة التحديات والمنعطفات الخطيرة التي كادت تهدد أمن البلاد واستقرارها..
ولم يكنِ الملك الأردني يغالي عندما قال في السابع من فبراير الماضي في رسالة نشرها على الصفحة الرسمية للديوان الملكي على «انستجرام»: «على العهد سرنا معكم، ليبقى الأردن في المقدمة دومًا، صوتًا للحق مهما كان ثمنه، وسندًا آمنًا لأشقائه وأمته، فأردن الخير والنور لا يخذل أهله».
وأضاف: «ولكي يبقى الأردن قويًّا، ولكي نحمي مصالحنا الوطنية، ونصون منجزاتنا التي بنيناها سنبقى على عهدنا بعزمنا وإصرارنا».
وفي الكلمة ذاتها أكد موقف الأردن الثابت من القضية الفلسطينية بقوله: «مع أشقائنا في فلسطين، نبذل كل طاقاتنا من أجل وقف العدوان وإنهاء الاحتلال، ونعمل بوضوح وتصميم ليحصلوا على حقوقهم الكاملة على ترابهم الوطني».
لقد أظهر جلالة الملك عبد الله الثاني منذ تولي العرش وتسلُّم السلطات الدستورية وعيًا بالتحديات التي تواجه الأردن على كافة الاتجاهات، فكانت مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتطوير البنية التحتية وجذب الاستثمار الأجنبي والعربي في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وانعكاس الأوضاع الخارجية على الأردن.
وعكست مسيرة الإصلاح السياسي التي حمل رايتها الملك عبدالله، دليلاً على حنكته وقدرته على تجاوز محاولات هدم الدولة الوطنية في زمن ما سُمي بـ «الربيع العربي».
لقد تميزتِ السياسة الداخلية للملك الأردني طيلة الخمسة والعشرين عامًا الماضية بقدرة فائقة على تجاوز الأزمات التي حاول البعض اختلاقها أو استغلالها لإثارة الفتن على أرض الأردن، ولكن وعي الملك وفهمه لطبيعة الواقع مكَّناه من التعامل بحكمة وذكاء وقدرة فائقة على اتخاذ خطوات استباقية أجهضتِ المؤامرات المحكمة التي استهدفت أمن واستقرار البلاد.
ويتذكر الأردنيون مواقف عديدة تعرض فيها الأردن لمشكلات وأزمات مفتعلة ومحكمة، ولكن ثقة المواطن الأردني في حكمة الملك وقدرته على تجاوز هذه الأزمات كانت مبعثَ الاطمئنان دومًا لدى عامة المواطنين.
أتذكر أنني في أعقاب أحداث الربيع العربي وانطلاق التظاهرات الغاضبة في العديد من البلدان العربية ومن بينها الأردن، اتصلت بالصديق والمنتج الإعلامي محمد المجالي أسأله عن الأوضاع في الأردن الشقيق، فقال: ثق أن جلالة الملك سيتجاوز الأزمة.
كان ذلك هو شعور المواطن الأردني، وهو شعور ناتج من خبرة تراكمية استطاع الملك خلالها توظيف حكمته وحنكته في التعامل مع مثل هذه الأحداث.
كان الملك الأردني يستدعي خبرته العسكرية التي بدأها ضابطًا بالجيش العربي الأردني عام 1980، للتعامل مع التطورات التي شهدتها الحدود الأردنية - الفلسطينية، والأزمات التي نشبت مع المحتل الإسرائيلي في فترات تاريخية متفاوتة، واستطاع تجاوزها بما لا يخلُّ بالثوابت الوطنية والقومية.
وكانت دعوته لحوار الأديان ونبذ العنف ومحاربة التطرف تأكيدًا جديدًا على قيم التسامح والوسطية التي كانت ولا تزال نهجًا للأردن منذ استقلاله في عام 1946، وبذلك استطاع حشد المجتمع الأردني بأدواته المختلفة لمواجهة هذه التيارات فكريًّا وسياسيًّا وأمنيًّا، فتمكن في سنوات معدودة من تجفيف منابعها والقضاء على بذورها.
وكان الملك واعيًا بسيناريوهات المستقبل، فعارض غزو العراق بقيادة أمريكا وبريطانيا، وحذَّر من تداعيات سقوطها على المنطقة بأسرها، وتدخل لمنع اشتعال الحروب الأهلية في كل من سوريا وليبيا واليمن، من خلال إطلاقه العديد من المبادرات في هذا الشأن، وكان دومًا يحذر من أن سقوط المؤسسات واشتعال الحروب والفتن بين أبناء الوطن الواحد سيقود إلى انهيار الدولة وتشريد المواطنين.
وكان موقف جلالة الملك ثابتًا ومبدئيًّا من صفقة القرن التي عارضها بكل شدة، وحذَّر من تداعياتها على القضية الفلسطينية والمنطقة العربية بأسرها، واستطاع بالمشاركة مع مصر والقيادة الفلسطينية ودول أخرى، إجهاض هذه الصفقة المريبة..
ومع تصاعد العدوان الهمجي وحرب الإبادة ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، كان الملك يحذر من خطورة ما يجري، ويطالب بوقف العدوان والإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني. وكان يحذر في الوقت ذاته من مخططات التهجير بهدف تصفية القضية الفلسطينية. وقال في الخامس من ديسمير 2023: «إن على العالم أن يندد بأي محاولة من جانب إسرائيل لتهيئة الظروف التي من شأنها تهجير الفلسطينيين قسرًا داخل قطاع غزة أو خارج حدوده».
لقد تعامل الملك مع التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية بمواقف ثابتة في رفض العدوان ورفض الحصار والمطالبة بأفق سياسي يقر بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، استنادًا إلى القرارات الدولية ذات الصلة..
وأمام التواطؤ الأمريكي المباشر مع إسرائيل في عدوانها على غزة، رفض الملك الأردني - إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس - عقدَ القمة الرباعية بحضور الرئيس الأمريكي على أرض الأردن في 17 من أكتوبر 2023 احتجاجًا على الدعم الأمريكي المباشر للعدوان الإسرائيلي.
وكانت علاقة الأردن ومصر نموذجًا يُحتذى في العالم العربي بفضل حكمة الزعيمين المصري والأردني وقدرتهما على التنسيق المشترك في كافة المجالات بما يحقق نموًّا مطردًا في العلاقات والمصالح المشتركة ولعب دور مهم في أزمات المنطقة والسعي إلى تجاوزها.
إن مسيرة ربع قرن من تولي الملك الأردني لسلطاته الدستورية في المملكة، واحتفالات الشعب الأردني بهذه الذكرى (التاسع من يونيو/ حزيران) لهي دليل على وعي الشعب الأردني الشقيق بطبيعة التحديات التي تواجه البلاد، وأيضًا تجديد للعهد في مواجهة كل مَن يحاولون النيل من الأردن وأمنه واستقراره.