ذكريات مضت منذ أمد بعيد لكنها تُستحضر دوماً في الوجدان من فيض المشاعر العميقة الخالصة الممتدة لما عاصرنا و شهدنا في مقتبل العمر آنذاك من لحظات ممزوجة بعذوبة ما بين الفخر والفرح لتزداد وتتأجج المحبة في أفئدتنا من بعدها عاماً تلو عام.
منذ خمسة وعشرين عاماً في التاسع من حزيران حين تقلد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين منصبه أمام مرأى و مسمع من العالم أجمع و رَحُب قصر رغدان العامر بمئات الشخصيات البارزة لتشهد الجلوس الملكي على عرش المملكة الأردنية الهاشمية و لتقدم أسمى آيات التهنئة و التبريك للملك الشاب و عقيلته الملكة رانيا العبدالله التي كانت حينذاك أصغر ملكة متوجة في العالم. لتتوالى المشاهد بعد ذلك في شريط الذاكرة لذلك الموكب المهيب يجول و يجوب ضواحي العاصمة الأردنية عمان فتستقبله الجماهير الغفيرة من الشعب الأردني الوفي بكل حفاوة وابتهاج فكانت تلك هي البداية لعهد جديد كتبت أسطر صفحاته بأحرف من نور لتدون الكثير من صدق القول والعمل بإخلاص و تفان لخدمة هذا الوطن.
الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه رابع ملوك بني هاشم عميد آل البيت ملك المملكة الأردنية الهاشمية الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف صاحب أطول مده حكم بين الحكام العرب الحاليين -أدامه الله و أطال في عمره- يمتد نسب جذوره الهاشمية الشريفة لأشرف نسب في العالمين النبي المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. قائد الوطن حامل الأمانة راعي مسيرة السلام الحقيقي والتعايش السلمي بين الأديان مناهض العنف والارهاب الداعي دوماً لوقف سفك الدماء والحروب و نصرة الحق وقضاياه أينما كانت وأهمها على الإطلاق قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة المسلوبة في صراعه مع الكيان الصهيوني الغاصب.
خمسه و عشرون عاماً انتهج فيها جلالته قيادة رشيدة حكيمة تحفظ استقرار الوطن و ثباته أمام كل التحديات المؤامرات والعواصف الهوجاء التي ضربت بقوى مختلفة على كافة المستويات المحلية الإقليمية والعالمية بدءاً من تبعات حرب الخليج إلي الأزمة الاقتصادية العالمية و ما عرف بالربيع العربي و جائحة كورونا و آخرها حرب الإبادة الحالية في غزة هاشم بالإضافة للكثير الكثير من الضغوطات و المعيقات التي واجهها الأردن بقيادته الهاشمية ببسالة و شجاعة منقطعة النظير مراراً على مر السنين ليبق الأردن عزيزاً شامخاً عصياً أمام كل المحن كما هو العهد بنا دوماً.
فمنذ جلوس جلالته على العرش أولى جل اهتمامه نحو الإصلاح و خلق الحلول البناءة التي تسهم في الارتقاء نحو مستقبل أفضل و تقدم المسير بخطى ثابتة متزنة خارجياً و داخلياً -برغم الصعوبات المتعاقبة على كافة الأصعدة- ليصبح الأردن دبلوماسيًا سياسياً و عسكريًا ذو أثر بالغ نوعي استراتيجي في العديد من المحافل والمواطن الاقليمية والدولية بالتزامن مع تقديم الدعم المطلق داخلياً بكافة أشكاله لإحداث التغييرات اللازمة لتحديث الأنظمة والقوانين الحكومية المتعلقة بالاصلاحات الوطنية السياسية الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق طموحات الوطن و تطلعاته الحالية والمستقبلية.
خمسة و عشرون عاماً ترعرعنا فيها تحت مظلة ملك القلوب الأب الحاني الذي غير الكثير في دواخلنا ومفاهيمنا عن معاني القيادة الرشيدة الحكيمة بمحبة رحمة وإنسانية مطلقة فكان جلالته الملك الشاب الجريء المقدام الذي ازداد قرباً ولحمة مع شعبه يوماً بعد يوم لتُبرهن هذه المحبة النقية بالعديد من الصور الشاهدة المحفورة في الذاكرة كومضات ضوء باهرة لبعض مواقف -تذكر و لا تَحصر- عن ملك هاشمي يهب بسواعده وعائلته يساهم في إطفاء حرائق الغابات يوماً ويهرع لنجدة مواطنين في بحر أو بر مر بهم صدفةً و كم من مرة يتواجد مشاركاً فئات شعبه كافة أتراحهم قبل أفراحهم بشخصه أو بمن ينوب عن جلالته و هاهو ينزل للميادين في كافة محافظات الوطن ليقف على تحقيق الإنجازات المشاريع أو متابعة كل أمر طارئ ملبياً نداء كل من وصل له صوته جابراً محققاً لمطالبه.
إنه الملك عبدالله الثاني الحاكم الوحيد في العالم أجمع الذي حلق مع قوات بلاده المسلحة ليغيث شعب فلسطين في غزة هاشم بتقديم المعونات الإنسانية بالإنزالات الجوية الأردنية و غير كل ذلك هناك المزيد والمزيد.
خمسة و عشرون عاماً يا سيدي لا تختصرها كلمات تكتب أو حروف تنطق لكن قد تمثل بعضاً منها خصلات الشيب التي غزت شعر رؤوسنا في مسيرة العمر و نحن على العهد قلباً وقالباً معك أو قد تمثلها تلك التجاعيد التي غضت بها جباهنا المرفوعة شرفاً و فخراً بك ملكاً هاشمياً نتكاتف عضداً بعضد تحت قيادتك أو تلك الدعوات الخالصة من القلب التي نرفعها سراً وجهراً للمولى عز وجل دوماً لحفظك ولتبقى رايتنا المجيدة الله الوطن المليك تحت الراية الهاشمية مرفوعة خفاقة فوق هام الغمام بالعز والفخر دائماً و أبداً. والله دوماً من وراء القصد