فروق تاريخية وجغرافية تجعل من صيغة الاندماج في منظومة التعاون امرا معقدا
يصعب تخيل الفكرة عند الدخول في تفاصيلها, فبقدر ما بين الاردن ودول الخليج من علاقات تاريخية وثيقة, هناك وبالقدر ذاته فروق سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
لكن فكرة انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي مطروحة على ما صرح نائب رئيس الوزراء الاماراتي الشيخ منصور بن زايد خلال لقائه رئيس الوزراء معروف البخيت امس الاول. الوزير الاماراتي اكد رسميا ان دول الخليج تدرس انضمام الاردن الى مجلس التعاون بشكل تدريجي. ولا اذكر مسؤولا خليجيا صرح بهذا الخصوص من قبل.
على المستوى الرسمي الاردني هناك رغبة كبيرة بالانضمام الى مجلس التعاون الخليجي والفكرة بالنسبة لمسؤولين كثيرين حلم يتمنون ان يتحقق في اسرع وقت اذ يسود اعتقاد بأن خلاص الاردن من المشاكل الاقتصادية المزمنة لا يتحقق بغير ذلك.
وقد جربت حكومات سابقة طرح الفكرة على قادة خليجيين لكنها لم تلق الاستجابة المطلوبة.
ويبدو ان التحديات الناجمة عن الثورات الشعبية التي تجتاح العالم العربي ووصلت آثارها الى اكثر من دولة خليجية هي التي دفعت قادة بعض تلك الدول الى التفكير بكل الخيارات المتاحة لتعزيز جبهاتها الداخلية وتحالفاتها الاقليمية لمواجهة التغيرات المحتملة, خاصة مع الشعور المتزايد بتنامي النفوذ الايراني في الخليج. وفي هذا الصدد يعتقد البعض في دول الخليج ان الاردن يشكل عمقا استراتيجيا لدولهم وحليفا اساسيا في مواجهة الخطر الايراني مما يستوجب تعزيز قدراته على الصمود ومساعدته في تجاوز ازماته الاقتصادية المتراكمة.
وتكفي الاشارة هنا الى الدور الذي لعبه الاردن في مساعدة البحرين على احتواء الانتفاضة الشعبية الاخيرة.
دول الخليج باتت تخشى ظهور طوق شيعي من حولها وهي لا تعرف المصير الذي ستؤول اليه الاوضاع في اليمن, ووسط مشهد دراماتيكي كهذا لا تجد دول الخليج من خارج فضائها غير الاردن حليفا وثيقا يتفهم قلق الهوية المتصاعد في مجتمعاتها ومؤسساتها السياسية والدينية.
لم نجر استطلاعا للرأي لمعرفة اتجاهات الاردنيين حيال فكرة الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي, لكن المبدأ في حال طرحه للنقاش العام سيحظى بمعارضة غير قليلة في اوساط مختلفة.
بين الاردن ودول الخليج فوارق كثيرة, فالرابطة الخليجية تقوم على خصائص تاريخية وجغرافية مشتركة, بمعنى آخر هناك عوامل موضوعية لوحدة هذه الدول, بينما الفضاء الطبيعي والتاريخي للاردن هو بلاد الشام بخصائصها المختلفة اختلافا كثيرا عن عالم الخليج العربي.
ومن الناحية الاقتصادية; الاردن دولة فقيرة مقارنة مع دول مجلس التعاون باستثناء البحرين, وسيواجه الاقتصاد الاردني صعوبات كبيرة في التكيف مع التزامات السوق الخليجية المشتركة اذ لا يكفي في حال الوحدة والاندماج الاعتماد على الخدمات الأمنية والعسكرية والعمالة المؤهلة لتحقيق التجانس مع دول مجلس التعاون مقابل الحصول على مساعدات مالية كبيرة ومشاريع استثمارية.
سياسيا يخشى كثيرون ان يؤدي الانضمام لمجلس التعاون الخليجي الى التراجع عن عملية الاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في الاردن. فدول الخليج باستثناء الكويت ليست معنية بشريك جديد يحمل معه »متاعب« الديمقراطية لشعوبها.
ولهذه الاعتبارات كلها يرى كثيرون ان انضمام الاردن الى مجلس التعاون الخليجي تحول دونه صعوبات كبيرة تجعل من التفكير به مضيعة للوقت ومن الافضل البحث في صيغة بديلة للشراك تحقق الأهداف المنشودة للطرفين وتراعي في الوقت ذاته الخصوصيات الموضوعية والاختلافات الجوهرية التي يصعب تجاوزها.0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)