بداية استثني من حديثي هذا مَن على قلوبهم ران.. ومَن زيَّن الشيطان لهم سوء أعمالهم..

فالمرآة اصطلاحا "بكسرٍ فسكون جمع مرايا.. وهي الجسم الصقيل الذي إذا نظرت إليه رأيت نفسك"..

ويقال ان هناك مرآة النفس.. وهو تعبير مجازي يعني التأمل الذاتي والتفكير العميق في دواخل الإنسان.. وبالتالي يتعلق هذا المفهوم بقدرة الشخص على النظر إلى نفسه بصدق وتقييم أفكاره ومشاعره وسلوكياته..

ويعتبر البعض أن مرآة النفس هي وسيلة لتحقيق النمو الشخصي وتحسين الذات.. من خلال مواجهة الحقائق الداخلية والعمل على التغييرات الإيجابية..

من خلال ما تقدم نجد ان المرآة قد تكون ذلك السطح المصقول العاكس للصورة.. او ذاتك الصادقة التي تعكس ما في داخلك.. وكذلك الصديق الصدوق.. والزميل الوفي.. والجار الامين.. والاخ العزيز.. الذين يعكسون لنا سلوكياتنا بكل شفافية وصدق.. ولا يبتغون الا صلاحنا والخير العميم لنا..

وقصتي مع مرآتي ذات الوجه المُكًبِر.. والتي لا يمكن ان آوي الى فراشي حتى انظر لوجهي فيها.. واحدق في عينَي متبحرا ومفكرا ومراجعا لكل تصرفاتي في ذلك اليوم.. وليس سرا اخفيه حين اقول.. بان كثيرا مما تقوله لي صورتي في مرآتي.. يكون على عكس ما كنت اظنه تصرفا او سلوكا سليما قويم.. فان كان اثره سلبيا على نفسي.. عاهدت نفسي العدول عنه.. وان كان اثره على غيري سلبيا.. فلن اتردد بالبوح به الى ذلك الشخص.. معتذرا ومصححا لما سلكته وتصرفته..

من هنا اقول لكل من احب لهم الخير.. بأن عليك ان تقف امام مرآتك بكل صدق وشفافية مع نفسك.. وان تنظر بكل عمق وتركيز في عينيك.. وعليك بطرح الاسئلة المباشرة على نفسك.. حول سولكياتك في ذلك اليوم.. وهل كانت تتناسب مع القيم والمبادئ السليمة؟!.. والاهم ان تكون صريحا وصادقا بالاجابة.. وان وجدت انك لا تستطيع التدقيق في عينيك وانت تجيب.. اعلم انك تغالط نفسك والفطرة السليمة والاخلاق الرفيعة.. وهي دليل على سوء فعلك.. وعدم الرضا عنه..

كم من اشخاص كسروا مراياهم.. وكم من اشخاص قطعوا اصدقائهم وخِلانهم.. وكل ذلك لمجرد شعورهم بانهم كانوا يعكسون لهم حقيقة سوء سلوكهم وتصرفاتهم بشكل شفاف وواضح دون تنميق او تزيين.. على عكس ما كان يزين لهم الشيطان اعملاهم من خلال بعض المقربين الذين لا يريدون لهم الخير.. ويشجعونهم على ما هم عليه..

فتلك المرايا تزعجهم ولا يجرؤون على الاحتفاظ بها..