يعد التعاطف العالمي غير المسبوق مع القضية الفلسطينية العادلة وحقوق شعبنا العربي التاريخية في ارض الاسراء والمعراج من أهم المكاسب التي تحققت في أعقاب عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ اكتوبر الماضي و هو الأمر الذي يقض مضاجع الصهاينة و أنصارهم في جميع أنحاء المعمورة .
القلق الصهيوني المتصاعد من تزايد الدعم العالمي لقضية فلسطين قلب الأمة العربية النابض في مختلف المحافل الدولية و الذي وجد له تعبيرا صادقا مؤخرا في اعتراف عدد لا بأس به من الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية العتيدة كإسبانيا و ايرلندا بل و حتى النرويج الراعية الرسمية لاتفاقية أوسلو في العام 1993 دفع حكام تل أبيب و حليفتهم الكبرى ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى اتخاذ خطوات عملية من باب المناورة و التمويه لقلب الحقائق رأسا على عقب لدى الرأي العام العالمي المراقب و المتابع لاحداث العدوان الصهيوني الغاشم على جماهير شعبنا الحر الأبي في قطاع غزة الصامد .
من أهم الخطوات التي اتخذها حكام تل أبيب بالاشتراك مع نظرائهم في واشنطن لاحداث تغيير جذري في اتجاهات الرأي العام العالمي نحو الصراع العربي الصهيوني و الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ قرابة ثمانية أشهر هو مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النار و تبادل الأسرى التي أعلن عنها مؤخرا و المشتملة على ثلاثة مراحل ، و كما يقال فإن الشيطان يكمن في التفاصيل .
الشيطان الكامن بين خبايا المبادرة الأمريكية الصهيونية إن جاز التعبير يكمن في المرحلة الثانية التي تتضمن مفاوضات بين الكيان الصهيوني و حركة المقاومة الإسلامية حماس بهدف التوصل إلى تنفيذ المرحلة الثالثة و وضع النقاط على الحروف لانسحاب شامل كامل للقوات الصهيونية من قطاع غزة و فتح الطريق أمام إعادة إعمار القطاع المنكوب .
التفاوض في المرحلة الثانية دون وجود ضمانات دولية كافية لتنفيذ المرحلة الثالثة من خطة الرئيس بايدن و ترك الأمر معوما يبدو أنه ليس أمرا عفويا بل هو الشيطان بأم عينيه إذ يتلبس دور راعي التسوية و حمامة السلام و هنا مكمن الخطورة في المشروع الأمريكي الذي يظهر لنا أنه مصمم ككمين مزدوج للمقاومة الفلسطينية فإن هي رفضت المقترح الأمريكي بدا للعلن انها حجر عثرة أمام وقف إطلاق النار في قطاع غزة و أن هي قبلت ثم تعثرت لسبب ما أو لآخر المرحلة الثانية التالية من الاتفاق بينها و بين الكيان الصهيوني فقد تم تجريدها من أهم أوراقها الرابحة في معترك الصراع مع العدو الصهيوني المتمثل في الأسرى الصهاينة و تم إظهارها اي المقاومة بمظهر الطرف المتعنت في عملية التسوية .
بناءً على ما تقدم فإننا أمام حيلة في غاية الخبث و الدهاء و المكر لتحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية ما يجري على الأرض في قطاع غزة و هو أمر لا يمكن السكوت عليه أو غض الطرف عنه بل يقتضي منا جميعا دق ناقوس الخطر و شن حملة إعلامية مكثفة عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي و لا سيما باللغة الإنجليزية في الدول الغربية لتوعية الجماهير التي تعرضت للتضليل مطولا هناك بما يرسم و يحاك من وراء الكواليس من مخططات شيطانية لقلب الحقائق و تغيير اتجاهات الرأي العام العالمي من قضية أمتنا المركزية الاولى .