بين إغاثة الملهوف وإكرام الضيف .. إستجابة لم تتأخر يوماً
بسمة العواملة
05-06-2024 11:39 AM
هكذا نحن الاردنيون كنا و ما زلنا اصحاب المروءة الشهامة نكرم الضيف و نغيث الملهوف ، فما كنا يوماً الا سنداً و عوناً لجميع اشقاءنا العرب ، اشتعلت التوترات و الحروب من حولنا فلجأ الينا الأخوة من كل حدب و صوب ، و برغم امكانياتنا الاقتصادية التي لا تخفى على احد الا أننا لم نغلق حدودنا و ابوابنا بوجه من استجار بنا ، اشتعلت الحرب في سوريا الشقيقة فلجأ الينا ما يزيد عن المليون و ثلاثمائة لاجئ سوري تقاسمنا معهم الغذاء و الماء وكل ضروريات الحياة رغم تقاعس و تخلي المجتمع الدولي عن مسؤوليته في تقديم الدعم لمساعدة الاردن في تحمل هذه الاعباء التي اثقلت كاهله ، و قبله تم استقبال العديد من اللاجئين من عدة دول عربيه شقيقة و ما وجدوا الا بلداً مضيافاً يكرم الضيف و يغيث الملهوف.
و امتداداً لهذا النهج العربي الاردني بقيادته الهاشمية الحكيمة ، يستضيف الأردن في الحادي عشر من الشهر الجاري مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة و الذي سيعقد في البحر الميت بتنظيم مشترك بين المملكة الاردنية الهاشمية و جمهورية مصر العربية و الأمم المتحدة ، و اهداف المؤتمر تنطلق من ثلاث محاور اهمها المطالبة بالوقف الفوري لحرب الإبادة و ضرورة إيصال المساعدات للقطاع بالإضافة الى مواجهة خطط التهجير القسري و النزوح .
و هذه المحاور التي عملت عليها الدولة الأردنية منذ بداية العدوان و قد تحدث فيها جلالة الملك حفظه الله و ولي عهده الأمير حسين و جلالة الملكة رانيا في جميع المحافل و المنصات الدولية و على مدار اشهر من بداية العدوان الغاشم ، ناهيك عن التحركات الدبلوماسية الأردنية التي لم تهدأ من بداية العدوان في محاولات و جولات مكوكية لحشد الدعم الدولي الانساني لوقف هذه الحرب المستعرة .
نعلق الكثير من الأمال على مخرجات هذا المؤتمر الهام لوقف هذه الإبادة و التصدي بقوة لكل محاولات التهجير القسري ، و ربما يكون قد آن الأوان لمشاركة القطاع الخاص في هذه الجهود الرامية الى تحقيق السلام والاستقرار و من ثم إعادة الإعمار ، و بالاخص أن جلالة الملك حفظه الله كان دوماً في خطاباته يؤكد على دور القطاع الخاص الى جانب القطاع العام و التشاركية الحقيقية بينهما لدراسة المقترحات و ايجاد الحلول وضمن مأسسة و تأطير لهذه الشراكة انسجاماً مع التوصيات المنبثقة عن مؤتمر لندن و الذي عُقد تحت عنوان النمو و الفرص و يهدف ايضاً الى مساعدة الاردن لتحقيق النمو الإقتصادي لتعزيز الإقتصاد الوطني ، و قد يقول قائل وما علاقة مؤتمر الاستجابة لمخرجات مؤتمر لندن ، و اجيب بان العلاقة وثيقة بينهما ، فحتى يستطيع الاردن الاستمرار في تحمل كل هذه الاعباء من استجابة للازمة السورية و ما تبعها من أزمة لجوء، امتداداً للاستجابة لأزمة الحرب الدائرة في غزة و ما يتبعها من جهود إعادة الاعمار ، جميع هذه القضايا تحتاج الى تشاركية حقيقة فعالة بين القطاعين العام والخاص لأجل إحياء هذه المبادرة الأردنية الإنسانية ، فاقتصاد الدولة الذي انهكته ازمة اللجوء السوري و احدثت كم هائل من الضغوط على جميع القطاعات سواء منها القطاع التعليمي او الصحي مروراً بازمة الغذاء العالمي ناهيك عن ازمة شح المياه التي نعاني منها في بلادنا ، بمعنى أن القطاع العام بالدولة لن يكون بمقدوره أن يتحمل تبعات هذه الحرب و الاستجابة لتداعياتها و بتحقيق محاورها الثلاث اذا لم يقترن ذلك بدعم القطاع الخاص و تحمل المنظمات الدولية مسؤوليتها تجاه هذه الأزمة لتحقيق مستوى عالِ من الاستجابة الانسانية الفورية الطارئة في غزة .
الدور الاردني بقيادتة الهاشمية الحكيمة سيكون له الدور الاكبر في مجريات هذا المؤتمر كون الاردن البلد المضيف و قد كان البلد الاكثر تقديماً للمساعدات الانسانية و الأكثر ديناميكية في جهوده الدبلوماسية الرامية الى وقف الحرب و الدعوة الى الجلوس على مائدة الحوار واعادة الامل بدعم الجهود الرامية الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967،
ندعوا دوماً للالتزام بقيم الانسانية السلام و العدالة ، فيكفي ما عاناه اهل غزة من قتل و حرب ابادة و تنكيل و تشريد، فلم يكن يوماً خيار الحرب الا مدعاة لتبجيل ثقافة الموت
اما نحن في هذا الوطن الذي قُدر له أن يحيا وسط اقليم ملتهب و توترات متزايدة فلم يكن خيارنا يوماً الا بذل الجهود و المساعي للتهدئة ولنزع فتيل الحروب و الدعوة دوماً للسلام فقدرنا كان دوماً اغاثة الملهوف و اكرام الضيف و ثقافتنا كانت و على الدوام تنتصر لثقافة الحياة و السلام
و دمت يا وطني آمناً مستقراً و دوماً الأردن اولاً و آخراً و ما بينهما الى أن يرث الله الأرض وما عليها .