من البلطجة إلى السلفية الجهادية
ياسر ابوهلاله
18-04-2011 04:32 AM
قدم السلفيون الجهاديون خدمة هائلة إلى أعداء الإصلاح في الزرقاء. فهذه هي نتيجة الإصلاح؛ سيوف وعصي ومدى يذهب ضحيتها رجال أمن وسلفيون جهاديون وبلطجية. وكلهم مواطنون في النهاية، حتى من يرتكب جريمة فعقابه في المحكمة وليس في الشارع.
أدبيات السلفية الجهادية منشورة، وهي تتلخص بتكفير النظام وأعوانه، وتحويل الفكر إلى واقع بتجليات عنف أخذت صور جهاد في مقاومة المحتل في العراق، وإرهاب استهدف مدنيين عزل كما حصل في العراق أيضا وفي تفجيرات عمان وغيرها، وأخيرا قتل المتضامن الإيطالي في غزة.
لقد كان تطورا مهما في الفكر السلفي الجهادي الاستجابة إلى المزاج العربي السلمي بعد الثورة التونسية، وشارك السلفيون الجهاديون لأول مرة في اعتصامات وتظاهرات سلمية. هذا التطور كان من المفترض أن يختطف ويلتقط ويبنى عليه، فبدلا من اللجوء إلى المفخخات والانتحاريين والخطف والقتل يلجأ الناس للتظاهر سلميا لتحقيق المطالب.
وبعد أحداث دوار الداخلية، اعتصم السلفيون الجهاديون في معان سلميا وهتفوا "يا للعار يا للعار عاللي صار بالدوار"، وقاموا بست فاعليات سلمية قبل السابعة العنيفة في الزرقاء. وحدث بالضبط ما كان يقلق كل جاد في مطلب الإصلاح، وجرى الاختطاف المعاكس، البلطجية والسلفيون الجهاديون سيطروا على المشهد.
قبل الثورة التونسية لم تكن عندنا ظاهرة البلطجة، ومن دون الدخول في التفاصيل، فإن تهييج المشاعر الوطنية وفكها عن رباط العقل لا يقل سوءا عن تهييج المشاعر الدينية. وفي أوروبا وأميركا اليوم يمارس العنف على أيدي حليقي الرؤوس باسم الوطنية لا باسم الدين.
إن رفض ممارسات العنف، سواء كانت تفجير فنادق عمان أو الاعتداء على رجال أمن لا يعني القبول بممارسات البلطجية التي جرحت العشرات وقتلت المواطن خيري جميل، ولا تعني القبول بالتجاوزات، سواء في التعامل مع التظاهرات السلمية أو اعتقال المطلوبين والتعامل معهم حتى لو كانت في قضايا مخدرات أو قتل.
لا تتجزأ الشجاعة في مواجهة التيار السلفي الجهادي أو في مواجهة البلطجية، تتطلب الديمقراطية شيوع ثقافة التسامح والحوار مع الجميع، وبلا استثناء. وإذا كان رامسفيلد ما غيره خلص إلى استنتاج أنها "معركة أفكار" مع غير أميركيين، فمن باب أولى أن نخوض مع أنفسنا معركة الأفكار.
عن الغد.