أعتقد أنّ الانتخابات الطلابية التي جرت في غير جامعة حكومية عكست إلى حد كبير نبض المجتمع و توجهاته الانتخابية والسياسية، وإن كانت تجربة الانتخابات الطلابية تعتمد على نوعية معينة من الناخبين؛ ولكنهم من المجتمع الذي ينتمون إليه ، وقد عكست وعياً ناضجاً لديهم ويتجلى ذلك بتحييدهم للمؤثرات الخارجية التي كانت ترغب في وضع الطلاب تحت وصايتها من خلال التلاعب بمشاعر الطلبة الصادقة و توجيه سلوكهم الانتخابي؛ ليصب لاحقاً في رصيد من استغلوا هذه المشاعر وحالوا ركوب الموجة الشعبية المتعاطفة مع غزّة و تحويل طاقاتها إلى خزان تصويتي يصب في مصلحتهم في الجامعات أولاً ثم في الانتخابات النيابية التي ستجري في أيلول ، وهو منطق غير سليم و تدحضه نتائج الانتخابات النيابية في سنوات خلت حتى في التسعينيات !.
لقد أثبت الطلبة في الجامعات الأردنية التي أجريت فيها الانتخابات أن وعيهم و مواطنتهم الحقيقية و انتماءهم إلى هذا الوطن الطيب أهله أكبر من سعي تيار أو جماعة أو حزب لتجيير النتائج لصالحه ، و لقد برهن هؤلاء الطلبة ، قيادات المستقبل ، على هوية وطنية سليمة وفهم متقدم للسلوك الانتخابي الديمقراطي ، وهو ما يعزز مشروع التحديث السياسي و يعكس جديته الذي أطلقه رأس الدولة جلالة الملك، و يجعلنا نطمئن على أن الإصلاح السياسي يسير على السكة الصحيحة.
وبحكم كوني أستاذاً في الجامعة الهاشمية ، فقد شهدت الانتخابات التي أجريت فيها يوم الخميس الماضي ٥/٣٠ و كنت راصداً ، بدافع ذاتي، لأغلب مراحلها عبر الاشتباك الإيجابي مع الطلبة و الزملاء العاملين فيها من أكاديميين و إداريين ، وعبر غير جولة في غير مبنى من مبانيها ، و قد لاحظت أن العملية سارت بيسر و سهولة و سلاسة في أجواء من التنافس الإيجابي دون حوادث أو ملاحظات كبيرة قد تُنَغّص صفوها ، و هناك بعض الملاحظات البسيطة و السلوكات الفردية التي تمت معالجتها في مكانها و في أُطِرها القانونية من خلال التعليمات الناظمة للعملية الانتخابية في الجامعة .
وقد شهد المركز الوطني لحقوق الإنسان العملية الانتخابية ، الذي أصدر تقريراً محايداً أشاد فيه بالعملية الانتخابية منذ بدئها حتى نهايتها دون شوائب تؤثر على نزاهتها العالية ، وليس المركز وحده من شهد العملية الانتخابية بل شاركت في رصدها الهيئة المستقلة للانتخاب و المؤسسات الإعلامية و بعض مؤسسات المجتمع المدني.
وأعتقد أنه من الطبيعي أن يُبْدي طرف ما، لم يحظ بثقة الناخبين من الطلبة ، ملاحظاته و شكوكه التي لم تكن صحيحة البتة مع انتفاء مدلوليتها القانونية، وهذا مفهوم ومتوقع في ظل حساباته الخاطئة التي راهنت على جدوى الشحن و التشكيك و النكران في تحصيل نتيجة كبيرة في الجامعات ومن ثم في الانتخابات النيابية؛ إلا أن وعي الطلبة كشف عن الرصيد الحقيقي لهذا الطرف في هذه الانتخابات النظيفة و النزيهة .