مقترح بايدن فرصة لوقف الحرب
نيفين عبد الهادي
05-06-2024 12:07 AM
رافق إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن مقترح لوقف دائم لإطلاق النار في غزة، آراء مختلفة، ووجهات نظر مراقبين ومتابعين، اتجهت أنظارهم جميعا لتوجه واحد وهو قدرة هذه الخطة على وقف الحرب على غزة، وانهاء حرب مدمّرة ألحقت بقطاع غزة كوارث بكافة مناحي الحياة، ووضعت القطاع على حافة مجاعة، ليصبح النظر لهذه الخطة من زاوية واحدة تركز على وقف حرب مستمرة منذ ثمانية أشهر.
ما يحدث في غزة ومرور كل هذا الوقت دون أخذ قرارات دولية توقف هذه الحرب ونتائجها الكارثية على شعب يواجه أقسى أنواع الحروب منذ ثمانية أشهر، أمر ليس مستغربا، إنما هو أمر خطير، يحتاج تعاملا سريعا وحاسما فلم يبق لهذا الشعب أي شيء من مقومات الحياة الطبيعية، ولا حتى أحد هوامشها، ومع هذا فإن السكوت يعمّ المشهد، والوقت يضيق أمام كل هذه الكوارث والمجازر، بينما يحاول الغزيون إيجاد النزر اليسير من ملامح حياة، وملامح أمل.
كل هذا يجعل من مقترح الرئيس الأميركي، نقطة تدفع باتجاه إحداث تغييرات، تغييرات حتما تأخذ المشهد لأبعد من هذا الصمت وهذه السلبية في التعامل مع حرب تمضي بالأيام بعدّ متزايد، يزيد من عددها ومن خطورتها، لتحضر إيجابية الموقف الذي من شأنه التوصل لوقف إطلاق النار، وإن كانت فرصة متواضعة لالتقاط الأنفاس في غزة وحتى عربيا ودوليا، فهذه الحرب غيّرت من تفاصيل المرحلة، لجهة هي الأسوأ بتاريخ أهلنا في غزة والضفة الغربية، وحتى المنطقة والعالم.
ويأتي ما وصفه الرئيس الأميركي بأنه خطة لإنهاء الحرب، في وقت تضيع به بوصلة السعي السياسي لوقف هذه الحرب تحديدا من قبل المجتمع الدولي، ذلك أن جهودا عربية بدأت منذ السابع من تشرين الأول الماضي لوقفها، ولكن بطبيعة الحال لن تتمكن لوحدها من وقف هذه الحرب المستعرة، فيما حرص الأردن بقيادة جلالة الملك سياسيا ودبلوماسيا لوقف الحرب منذ بدئها، وفي أحدث تحرك انساني عظيم للأردن الإعلان عن استضافته لمؤتمر دولي «للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة»، بتنظيم مشترك بين الأردن ومصر والأمم المتحدة، حيث يعقد المؤتمر بدعوة من جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وعلى مستوى قادة دول ورؤساء حكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية.
وسيكون هذا المؤتمر أهم وأنجع ما تم العمل به لوقف الحرب على غزة وايصال المساعدات بعمل عالمي مشترك مؤسسي، مستدام، وصولا لحالة استثنائية من العمل وعلى مستوى دولي وعلى طاولة أردنية لنصرة أهلنا في غزة، والوصول لصيغة نموذجية لمد يد العون والمساعدة للقطاع والأهم دون توقف وبكميات كبيرة، وباتفاق دولي مشترك.
ليأتي مقترح الرئيس الأميركي داعما لكل ما يبذل من جهود لإنهاء الحرب، وايصال المساعدات والتقاط الأنفاس، ما يجعل من التعامل معها ضرورة والأخذ بها على محمل المتابعة والإيجابية، فقد آن الأوان لوقف الحرب، ربما وقفها ليس بدءا من اليوم بل بدءا من أمس وأول أمس، وقبل أشهر، وعدد الشهداء المتزايد يجعل من أي مقترح لوقف النار ضرورة وطوق نجاة.
الأردن، بحث المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن مع غالبية دول العالم، ومع عواصم صنع القرار الدولية، بجوانبها كافة، والتركيز على جوانبها المتعلقة بالتوصل لصفقة تبادل تنتج وقفاً دائماً لإطلاق النار، وتتيح إدخال مساعدات إنسانية كافية إلى قطاع غزة وتوزيعها في جميع مناطق القطاع، وشدد على ضرورة التعامل مع المقترح بجدية وإيجابية، وهذا هو المطلوب الآن، فواقع الحال يحتاج حسما لا يحتمل حتى التأخير، دون ذلك سيبقى فرصة مؤجلة.
"الدستور"