احال رئيس الوزراء قبل اسابيع ملف التخاصية برمته الى هيئة التدقيق الاستشارية للاستئناس برأيها ان كان هناك شبهة فساد في الموضوع ام لا, واللافت ان ما تم انجازه في سنوات طوال هو اليوم تحت قيد الدراسة والتحقيق من فريق مطالب بالبت بسرعة في الملف.

الانتقادات التي وجهت لعملية التخاصية في الاردن هي ليست متعلقة في اجراءات غير مشروعة لعمليات الخصخصة التي اعتمدت اساسا على اكبر المكاتب الاستشارية القانونية في العالم, وكانت ضمن اصول وانظمة شفافة وتحت اعين السلطتين التشريعية والتنفيذية معا.

مشكلة التخاصية تكمن بالنتائج التي اليها لا في اجراءاتها. بمعنى ان المواطن العادي يسال عن مدى استفادته من الخصخصة من جهة, ومدى صدقية الخطاب الرسمي مع الاهداف المعلنة حول التخاصية من جهة اخرى, وهل كانت عروض البيع ضمن الاسعار المتعارف عليها او يتناسب مع منطق السوق.

ان الاردنيين يسألون عن جدوى استخدام عوائد التخاصية, وهل كانت صفقة نادي باريس صحيحة ام لا, ولا يسألون عما اذا كان هناك اعلان في الصحف تم نشره للخصخصة او لاستقطاب عروض معينة.

تقييم التخاصية يجب ان يكون ضمن تقييم عام للنهج الاقتصادي الذي اتبع في السنوات الاخيرة والذي ادى في النهاية الى جملة من النتائج الصعبة لعل ابرزها زيادة الفقر والمديونية والبطالة, الى جانب عدم قدرة الاقتصاد على توليد نمو مستدام على ارض الواقع.

يرى البعض ان تحويل ملف التخاصية على هذا النحو للتدقيق في جوانب منه مضيعة للوقت, لان البحث عن شبهات الفساد بالتخاصية لا يكون بوساطة لجنة تدقيق بل يتطلب حسا استقصائيا وادارة من خبراء معنيين بكشف مثل هذا النوع من القضايا التي عادة ما تكون ضمن اطار قانوني حصين.

فعلى سبيل المثال, الكل يعلم ان احدى شركات التعدين الكبرى التي جرى خصخصتها قبل اعوام قامت ادارتها التي ابرمت صفقة البيع بالضغط على سعر السهم سلبا قبل ستة اشهر من الصفقة حتى يتسنى ان تكون العروض المقدمة من الراغبين ضمن مستويات متدنية, فهل تستطيع اللجنة ان تبحث مثل هذه التفاصيل? في اعتقادي ان الجواب لا; لان هذا العمل يحتاج الى فريق فني عاش تفاصيل ظروف الخصخصة بعينها.

اذا كانت هناك اسئلة حول ملف التخاصية في الاردن, فان المطلوب التدقيق في كيفية صرف الاموال والاسباب التي دفعت الحكومات الى بيع بعض الشركات الناجحة, والتدقيق حول كيفية قدرة الشريك الاستراتيجي في جذب التكنولوجيا للمملكة, وتجنب مناقشة الشكليات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

salamah.darawi@gmail.com