هل نقول وداعا للإصلاح السياسي؟
ناهض حتر
06-08-2007 03:00 AM
تصريحات د. معروف البخيت، شديدة اللهجة ضد الإسلاميين، تثير القلق من إمكانية تأزم الوضع الداخلي إلى حدود غير مسبوقة منذ 1996. فهل هو هجوم معاكس أخير من حكومة مثقلة بالفشل ، أم أنه توجه سياسي شامل نحو مرحلة من كبت الحريات ومنع الرأي الآخر؟ هذا السؤال تطرحه شخصيات وقوى علمانية ومدنية، مستقلةو قومية ويسارية وعشائرية، لا يمكنها أن تصطف وراء معركة رسمية مع الإسلاميين تتعلق بالحريات، فالكل يتحسس رأسه. وطاحونة المنع والمواجهة لن تستثني، في النهاية، أحدا.ومصدر السؤال أن التصعيد الحكومي ضد الإسلاميين لا يتعلق بخلاف أيديولوجي أو سياسي ، بل بخلاف هو ، في الأخير، ذو مضمون قانوني، ولا يعني الإسلاميين وحدهم، بل العديد من مرشحي الانتخابات البلدية وأنصارهم من أبناء العشائر. وهو لا يدور حول حق أفراد القوات المسلحة في الاقتراع، ولكن حول قانونية الاقتراع العلني. وهو متاح، فقط، للأميين. ومن المعروف أنه لا يوجد أميون بين العسكريين الأردنيين.
كذلك، هناك جملة ملاحظات حول تكرار الاقتراع، والعبث بالجداول، والعدّ، والتجاوزات الأخرى ، الحاصلة في مناطق انتخابية معينة، شهدت تدخلات صريحة لم تستهدف إفشال المرشحين الإسلاميين فقط، وإنما صّبت لإنجاح مرشحين معينين ، الأمر الذي أثار غضب منافسيهم من الموالين ، ربما أكثر من المعارضين.
بالخلاصة، من الممكن حل الخلاف قانونيا، والتوصل إلى الاتفاق على تشكيل لجنة تحقيق في الاختراقات غير القانونية في الانتخابات البلدية ، أكثر ما ستسفر عنه هو إعادة الانتخابات في عدد من البلديات .
أعني: أن القضية التي يثيرها الإسلاميون هي قضية قانونية بالدرجة الأولى، وردّ الحكومة عليها بالتصعيد السياسي لا يفيد في استعادة مصداقية الانتخابات البلدية، أو مصداقية الحكومة، حتى لو أدى ذلك التصعيد إلى لجم الإسلاميين وسواهم عن مواصلة الاحتجاج.
والدلالة الأسوأ على رفض التعاطي القانوني مع التظلمات المطروحة على إجراءات العملية الانتخابية في البلديات، أنه يعطي انطباعا قويا بأنه لا تراجع عن التدخلات غير القانونية في الانتخابات النيابية المقبلة. فبينما بدأ الرئيس البخيت حملة سياسية ضد الإسلاميين، فهو ما يزال يتجاهل مذكرة"المركز الوطني لحقوق الإنسان" حول النقل غير القانوني للأصوات بين الدوائر الانتخابية، وعدم شرعية الاقتراع بالبطاقة الشخصية. وهاتان الثغرتان من شأنهما أن تسمحا بالتدخل الكثيف لصالح قائمة من المرشحين المعينين مسبقا. وبما أن التدخل ذاك لا يمكن ، عمليا، أن يكون محصورا ضد المعارضين ، فانه سيصيب مئات المرشحين المستقلين و العشائريين ، وسيخلف آثارا بالغة السوء من الصدامات والعداوات.
وهناك ، بالطبع، ما يشجع المسئولين على المضي في هذا الاتجاه ، طالما أن واشنطن والعواصم الأوروبية، تخلت عن ادعاءاتها " الديمقراطية" ، وطالما أن الأغلبية الشعبية يائسة من أن يكون لها أو لرأيها أي دور في تشكيلة البرلمان، كما أنها ترى أن البرلمان نفسه ليس له أي دور في القرار.
أرجو أن لا نكون بإزاء نكسة سياسية تحوِِل مشروع الإصلاح السياسي من أمل متعثر إلى انغلاق الأمل. فالخاسر الأكبر ، حين ذاك، لن يكون الإسلامي أو المعارض ، بل المشروع الوطني الأردني كله.