ما الهدف من قيام أحزاب سياسية في عالمنا العربي؟
سلطان ماجد المجالي
06-08-2007 03:00 AM
يلاحظ بأن المنادة بضرورة تكوين أحزاب سياسية في عالمنا العربي بوجه عام وفي الأردن بوجه خاص قد ازدادت في هذه الأيام ،وأمام اشتداد هذه الدعوات رأيت أن أطرح هذا السؤال علينا جميعاً ، ملتمسا بأن تكون الأجابة دقيقة وموضوعية ،ولن تتحقق الدقة والموضوعية للأجابة الاً بالعودة الى تاريخ الناس في عالمنا العربي ورصد الأحداث التي سيتقرر في ضوئها ضرورة قيام أحزاب في الوطن العربي ام لا . أما أنا فأقول ومن خلال العودة للتاريخ بأن تركيبة الناس في العالم العربي قبل الأسلام كانت تعتمد مكانة العائلات الممتدة والعشائر ،وزيادة في ذلك وفي سبيل تحقيق العيش واستمرارية الحياة فقد كانوا يؤلفون أحلاف خاصة أدت لظهور القبائل المتحالفة ،وحينما تتكون دولة تسود وتزول دون أن يتعامل الناس بالعمل الحزبي بوجه مطلق ، ثم حين ظهرت دولة الأسلام الأولى وما تلاها من أشكال دول كانت مستظلة بظلال الأسلام فأنها وخلال كل مسيرتها السياسية لم ينشأء فيها شكل من أشكال العمل الحزبي بمفهومه القائم الأن ، بأستثناء ظهور جماعات تشكل قوىَ مناوءة للدولة ويتم العمل على قمعها حسب مقتضى الحال ،،
وبعد ان انتشر الأسلام ودخلته قوميات أخرى كثيرة ،وتمكنت بعض هذه القوميات من الوصول للحكم والذين كان أخرهم الأمبراطورية العثمانية التي حكمت عالمنا العربي أكثر من أربعة قرون ،فأنه خلال كافة تلك المراحل لم يظهر أحزاب سياسية بالمفهوم المقصود لالعمل الحزبي العام ،
وحين أستطاعت الصهيونية تسخير الغرب لمخططاتها وتمزيق الدولة العثمانية وأحتلال كامل العالم العربي واستعماره وتجزأته الى دويلات بقي الحال على ماهو عليه ، وحين تأكد للمستعمرين بقدرتهم على السيطرة على أجزاء العالم العربي سواء بجيوشهم أو بعملائهم وخرجوا منه في مرحلة ما سمي بعهود الأستقلال فأن بعض المنشغلين بالعمل السياسي رغبوا في أن يقلدوا دول الغرب في تكوين أحزاب سياسية في هذه الأجزاء من الوطن العربي ، لكن الساسة قاوموا تلك الرغبة وزجوا بالكثيرين من هولاء بالسجون .
وبتوالي الأيام وحين أصبح الحديث (خاصة في هذه الأيام) مدخل للحديث عن التقدمية وتطبيق اسس الديمقراطية فقد عمد بعض الساسة في عالمنا العربي الى السماح لبعض جهات مأمونة لتقيم شكلاً من أشكال العمل الحزبي المحدد بقواعد خاصة يتم تغيرها حسب رؤى الساسة والمسؤولين ،
أما الجماهير المكون منها عالمنا العربي فأنها واقعياً لا تنسجم مع هذه التوجهات بأستثناء قلة من ذوي المصالح الخاصة الذين أعتادوا بأن يشددوا على المطالبة بنشأة أحزاب سياسية عند الحديث عن اي نوع من الأنتخابات ،، ثم ان الأهم من كل ذلك ان الثقافة الأسلامية السائدة في مجتمعات عالمنا العربي ترى بأن الأحزاب هي أدوات تمزيق وتفريق لكيان الأمة الذي يجب ان يكون كالبنيان المرصوص ،ويؤمنون بأن الفرقة والتشيع أداة تؤدي لذهاب ريح الأمة (سنداً للنص القرأني)، كيف لا وهم يشاهدون ذلك عملياً من خلال هذا الواقع الحالي الذي تقف خلفه جهات ذات مصلحة في أن نكون كذلك ممزقين ومشتتين شيعاً واحزابا ،، إذن لماذا يتوجب قيام احزاب سياسية في عالمنا العربي ؟