وقفة مع خطاب الرئيس الصيني
السفير الدكتور موفق العجلوني
03-06-2024 02:55 PM
خاطب الرئيس الصيني شي جين بينغ اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي والحضور الكريم في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون العربي الصيني كل من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس قيس سعيد والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والسيد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، ورؤساء الوفود، بالقول إنه يشعر بعزة ودفء كلما ألتقي مع الأصدقاء العرب. وتنبع الصداقة القائمة بين الصين والدول العربية والروابط القائمة بين الشعب الصيني والشعوب العربية، من خلال التبادلات الودية في طريق الحرير القديم، والنضال المشترك من أجل نيل الاستقلال الوطني، ومن التعاون المبني على الكسب المشترك في عملية البناء الوطني. وترقي العلاقات الصينية العربية إلى مستويات جديدة بشكل متواصل في القرن الجديد.
وأشار الرئيس شي جين بينغ انه شارك في ديسمبر عام 2022، في القمة الصينية العربية الأولى في الرياض في المملكة العربية السعودية، وتم الاتفاق مع الزملاء الزعماء العرب على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الحديث. وسجل الجانب الصيني ارتياحه لنجاح تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى، واستعداده العمل مع الجانب العربي على تفعيل الدور القيادي الاستراتيجي للقمة، بما يحقق قفزات متتالية للعلاقات الصينية العربية.
بنفس الوقت أعلن الرئيس شي جين بينغ ان الصين سوف تستضيف القمة الصينية العربية الثانية في الصين عام 2026، وأن القمة القادمة تكون معلما آخر للعلاقات الصينية العربية.
و كان ابرز ما أشار اليه الرئيس الصيني :
• في ظل الوتيرة المتسارعة للتغيرات التي لم يشهدها العالم منذ مائة عام، يتحمل كل من الصين والدول العربية اليوم مسؤولية لإنجاز مهام العصر المتمثلة في تحقيق النهضة القومية وتسريع وتيرة البناء الوطني.
• يجسد بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك تطلعاتنا المشتركة لفتح عهد جديد للعلاقات الصينية العربية، وخلق مستقبل جديد للعالم الجميل.
• يحرص الجانب الصيني على التضامن والتآزر مع الجانب العربي لبناء العلاقات الصينية العربية كنموذج يحتذى به لصيانة السلام والاستقرار في العالم. في العالم المضطرب الذي نعيش فيه،
• الاحترام المتبادل هو السبيل لتحقيق التعايش المتناغم، وإن الإنصاف والعدالة هما الأسس للأمن الدائم. والصين على استعداد للعمل مع الجانب العربي لإيجاد حلول للقضايا الساخنة، والحفاظ على الإنصاف والعدالة وتحقيق الأمن والأمان الدائمين، على أساس احترام مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة واحترام الخيارات المستقلة لشعوب العالم واحترام الواقع الموضوعي الذي تم تشكيله في التاريخ.
• يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي انطلاقا من المساواة والمنفعة المتبادلة على بناء العلاقات الصينية العربية كنموذج يحتذى به للتعاون في بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية. إن روح طريق الحرير التي تم توارثها جيلا بعد جيل ترشد التعاون الصيني العربي ليواكب العصر، بما يعود بالخير على شعوب الجانبين على نطاق واسع. في العالم الذي نعتمد فيه بعضنا على البعض.
• نحن على استعداد للعمل مع الجانب العربي على مواصلة تعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، ومواصلة التعاون في مجالات النفط والغاز والتجارة والبنية التحتية، والإسراع في تكوين نقاط النمو الجديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والاستثمار والتمويل والطاقة الجديدة، بغية السير على طريق الابتكار والخضرة والازدهار بشكل مشترك.
• يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي بروح التسامح والتنافع على بناء العلاقات الصينية العربية كنموذج يحتذى به للتعايش المتناغم بين مختلف الحضارات.
• يعد السلام والحق والمصداقية والتسامح من المساعي المشتركة للشعب الصيني والشعوب العربية. نحن على استعداد للعمل مع الجانب العربي على الدعوة إلى التواصل الشعبي والثقافي، وتكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء، ونصب نموذج لتبادل التعلم والاستفادة بين مختلف الحضارات في العصر الجديد.
• يحرص الجانب الصيني على تكثيف التنسيق والتعاون مع الجانب العربي لبناء العلاقات الصينية العربية كنموذج يحتذى به لاستكشاف الطريق الصحيح للحوكمة العالمية. أن العجز في الحوكمة والثقة والسلام والتنمية لا يزال يتفاقم باستمرار، الأمر الذي يتطلب التزامنا بمبدأ التشاور والتعاون والمنافع وتحسين الحوكمة العالمية باطراد.
• نحن على استعداد للعمل مع الجانب العربي على الدعوة إلى تعددية الأقطاب العالمية المتسمة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية المتسمة بالشمول والمنفعة للجميع، ونصب نموذج لتعاون الجنوب - الجنوب في الحوكمة
وأشار الرئيس شي جين بينغ الى "الأعمال الثمانية المشتركة" لتدعيم التعاون العملي الصيني العربي والمتمثلة بالنقاط التالية:
• وقعت الصين مع جميع الدول العربية على وثائق التعاون بشأن بناء "الحزام والطريق".
• أحرز التعاون في مجال البحث والتطوير التكنولوجي ونقل التقنية تقدمات جديدة
• ارتفع التعاون الاقتصادي والتجاري والطاقة إلى مستوى جديد،
• تقدمت المشاريع النموذجية الرائدة والمشاريع الصغيرة والجميلة التي تخدم معيشة الشعوب إلى الأمام بخطوات متوازية، وتطور التعاون في مجالات الأمن الغذائي والابتكار الأخضر والصحة على نحو أعمق وأكثر عملية،
• تطورت منصات التعاون والتواصل الثقافي والشعبي بجودة عالية،
• حققت "الأعمال الثمانية المشتركة" حصادا مبكرا مهما.
أما بخصوص العلاقة المستقبلية بين الصين والعالم العربي في المرحلة القادمة، فقد أكد الرئيس على حرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي لبناء "المعادلات الخمس للتعاون" على هذا الأساس، بغية تسريع وتيرة بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك والمتمثلة بـ:
معادلة أكثر حيوية للتعاون المدفوع بالابتكار. سيتعاون الجانب الصيني مع الجانب العربي في بناء 10 مختبرات مشتركة في المجالات بما فيها الحياة والصحة والذكاء الاصطناعي والتنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والزراعة الحديثة والمعلومات الفضائية؛ ويحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون مع الجانب العربي في مجال الذكاء الاصطناعي، للعمل سويا على تعزيز دور الذكاء الاصطناعي في تمكين الاقتصاد الحقيقي، والدفع بتكوين نظام الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي والذي يقوم على توافقات واسعة النطاق؛ ويحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي في بناء مركز مشترك لرصد الحطام الفضائي ومركز للتعاون والتطوير لتطبيقات نظام بيدو، وتعزيز التعاون في مجالي الفضاء المأهول والطائرات المدنية.
معادلة أكبر حجما للتعاون الاستثماري والمالي. يحرص الجانب الصيني على إنشاء منتدى التعاون القطاعي والاستثماري مع الجانب العربي، ومواصلة دفع زيادة عضوية لرابطة المصارف الصينية العربية، وتسريع وتيرة تنفيذ مشاريع التعاون في إطار "القروض الخاصة لدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط" و"القروض الخاصة لدفع التعاون المالي بين الصين والدول العربية". يدعم الجانب الصيني تعزيز التعاون بين المؤسسات المالية للجانبين، ويرحب بالدول العربية لإصدار "سندات الباندا" في الصين، ويرحب بالمؤسسات المصرفية العربية للانضمام إلى نظام المدفوعات بين البنوك عبر الحدود (CIPS)، ويحرص على تعميق التواصل والتعاون مع الجانب العربي في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية.
معادلة أكثر تكاملا للتعاون. سيواصل الجانب الصيني تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجانب العربي في مجال النفط والغاز، لربط أمن التموين بأمن السوق؛ يحرص الجانب الصيني على التعاون مع الجانب العربي في البحث والتطوير لتقنيات الطاقة الجديدة وإنتاج المعدات المعنية لها. سيدعم الجانب الصيني شركات الطاقة والمؤسسات المالية الصينية للمشاركة في مشاريع الدول العربية للطاقة المتجددة التي تتجاوز إجمالي قدرتها المركبة 3000 ميغاوات.
معادلة أكثر توازنا للتعاون الاقتصادي والتجاري المتبادل المنفعة. سيواصل الجانب الصيني العمل بنشاط على تنفيذ مشاريع التعاون الإنمائي التي تبلغ قيمتها 3 مليارات يوان، ويحرص على تسريع وتيرة المفاوضات مع الجانب العربي حول اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والإقليمية، وتعزيز بناء آلية الحوار للتعاون في التجارة الإلكترونية. يرحب الجانب الصيني بالمشاركة العربية النشطة في معرض الصين الدولي للاستيراد، ويحرص على زيادة استيراد المنتجات وخاصة المنتجات الزراعية والغذائية من الجانب العربي.
معادلة أوسع أبعادا للتواصل الثقافي والشعبي. يحرص الجانب الصيني على إنشاء "المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية"، وزيادة الحجم والتأثير لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، وتسريع وتيرة بناء منصات مثل "الرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية" و"منتدى تنمية الشباب الصيني العربي" و"الرابطة الصينية العربية للجامعات" و"مركز الدراسات الصيني العربي للتعاون الثقافي والسياحي". وسيدعو الجانب الصيني 200 مسؤول من الأحزاب السياسية العربية كل عام لزيارة الصين، ويبذل جهودا مع الجانب العربي في وصول العدد الإجمالي للسياح المتوجهين إلى الطرف الآخر في غضون السنوات الخمس المقبلة إلى 10 ملايين سائح.
بنفس الوقت اشار الرئيس الى: إن الشرق الأوسط أرض خصبة للتنمية، غير أن نيران الحرب لا تزال تشتعل فيها. شهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تصعيدا حادا منذ أكتوبر الماضي، الأمر الذي ترك معاناة شديدة للشعب. لا يجوز استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى، ولا يجوز غياب العدالة إلى الأبد، ولا يجوز زعزعة "حل الدولتين" بشكل تعسفي. يدعم الجانب الصيني بثبات إقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ويدعم عقد مؤتمر سلام دولي بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر.
سيقدم الجانب الصيني مساعدة إضافية بقيمة 500 مليون يوان ، إضافة إلى المساعدات الإنسانية العاجلة التي تم الإعلان عنها سابقا بقيمة 100 مليون يوان ، بهدف دعم تخفيف الأزمة الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة؛ وسيتبرع بـ 3 ملايين دولار أمريكي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بهدف دعم الوكالة لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة.
وأكد الرئيس الصيني على مواصلة العمل مع الأصدقاء العرب على تكريس روح الصداقة الصينية العربية وخلق مستقبل مشترك بالتضامن، بما يجعل الطريق المؤدي إلى المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك مليئا بنور الشمس!
و من المعلوم ان العلاقة العربية الصينية منذ بدايتها منذ الخمسينات امتازت بالعراقة و لم يشوبها عدائية او تعكر في الصفو و انما ازدادت نماءاُ و تقدماُ و ازدهاراُ في كافة المجالات و خاصة في المجال الاقتصادي و لا ننسي الدعم الدائم و المتواصل لصين تجاه قضايانا العربية السياسية و خاصة القضية الفلسطينية و مطالبة الصين اسرائيل للانسحاب الشامل من كافة الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 بما فيها القدس العربية و اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة و القابلة للحياة و عاصمتها القدس الشرقية .
حقيقة هذا المنتدى يذكرني بزيارتي للصين عندما كنت مديرا للدائرة العربية والشرق اوسطية في وزارة الخارجية ، وتراست الوفد الاردني لمنتدى التعاون العربي الصيني عام 2009 كانت من اجمل و احلى و انجح الزيارات التي قمت بها خلال ٣٢ عاما في رحلتي في العمل الدبلوماسي، و ما شاهدته في الصين من حضارة عريقة وتقدم و رقي و ازدهار و نظام و تنظيم و بعد نظر وكرم تجاه الوفود العربية و اقبال على تعزيز العلاقات مع الدول العربية في كافة المجال لا يسمح الوقت بسرده و يكاد ينافس الدول الاوروبية و الاميركية.
تعود العلاقات بين العرب والصينين الى ايام طريق الحرير وان هذه العلاقة لم يشوبها مصالح استعمارية ولم تجري حروب او معارك او خلافات سياسية بين الصين والعالم العربي. كما ان العلاقات العربية تعود الى زمن الرسول صلى الله عليه و سلم : اطلب العلم و لو في الصين .
وقد كانت الشقيقة مصر من أوائل الدول العربية التي كان لها تمثيل دبلوماسي مع الصين وذلك عام 1928، كما كانت من أوائل الدول التي بادرت بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية عام 1956. وكان للصين الشعبية موقف رافض تجاه العدوان الثلاثي على مصر. فضلاً عن تقارب التوجهات السياسية للبلدين في دعم سياسة عدم الانحياز، إلى جانب تأييد الصين للقضايا العربية. وقد مثّل هذا الإعلان منعطفاً هاماً في خريطة العلاقات الدولية، بالنظر إلى مكانة مصر عربياً وأفريقياً وإسلامياً، وفتح الباب أمام الصين لإقامة علاقات رسمية مع الدول العربية والأفريقية.
اما بخصوص العلاقات الاردنية الصينية فقد مضى عليها الان سبعة وأربعون عاماُ، حيث تم في الخامس من نيسان عام 1977 تدشين العلاقات الدبلوماسية بين المملكة الاردنية الهاشمية وجمهورية الصين الشعبية وبرعاية ملكية سامية من جلالة المغفور له بأذن الله الملك الحسين بن طلال رحمه الله والقيادة الصينية. وقد جاءت هذه الخطوة الهامة في اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد إن اعترفت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بان جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب والدولة الصينية، وهي الوريث الشرعي لمقعد الصين الدائم في مجلس الأمن.
أما بخصوص طريق الحرير و الحزام فلم يكن سبباً فقط في التبادل التجاري، بل كان معبراً حقيقياً للتبادل الثقافي والحوار الحضاري بين العالم العربي و الصين و يعود ذلك الى ان الدول و الحضارات التي كانت تطل على هذا الطريق او يمر منها شكّلت عبر هذا التاريخ الطويل المعطيات الهامة للتراث الحضاري و الانساني لما تتمتع به هذه الدول من كنوز حضارية و تراث و عادات و تقاليد و قيم حضارية، الامر الذي ادى الى تمازج هذه الحضارات و هذه الثقافات على مبدأ التكافل و التسامح و الانفتاح الحضاري و التبادل الثقافي.
و قد ساهم العامل الثقافي في تقارب الشعوب العربية مع الشعب الصيني و الشعوب الواقعة على طريق الحرير ، و كان من اقوى اسباب هذا التقارب هو ادبيات التعامل بين الشعوب العربية والصينية و على راسها تعاليم الدين الاسلامي السمحة , حيث قال الرسول صلى الله عليه و سلم انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق , وبالتالي نري كيف اعتنقت هذه الملايين من الشعوب في الصين و على طريق الحرير الديانة الاسلامية .و بالتالي فقد ساهم التبادل الثقافي اسهاما اساسيا في التقارب بين الصين و العالم العربي و الذي انبثق عنه مؤخرا منتدى التعاون العربي الصيني و الذي احيا الحوار الثقافي بين العالم العربي و الصين . ويأتي الفضل كل الفضل لطريق الحرير الذي كان العامل الاساسي في ما وصلت اليه العلاقات الثقافية والحضارية بين العالم العربي و الصين و الشعوب الاخرى الواقعة على طريق الحرير.
ونحن نرى الان كيف ساهمت هذه الثقافة المشتركة للحضارة العربية الصينية الغنية بتراثها وثقافتها في حضارات وثقافات المجتمعات الاخرى، وها هي اللغة العربية واللغة الصينية تشكل اهم اللغات الرسمية في الامم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها. وهنا نستذكر ما قاله الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العاشرة من الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني:
" كلما التقيت بالأصدقاء العرب, شعرت انني اجتمع مع الاصدقاء القدامى, هذا الاحساس بالتقارب, جاء من المحبة والصدق في التعامل مع بعضنا البعض و نشأ عبر التاريخ الطويل من التواصل بين الامتين الصينية و العربية. اذا استعرضنا مسيرة التواصل بين الشعب الصيني و الشعوب العربية، تبادر الى اذهاننا طريق الحرير البري و طريق البخور البحري حيث كان اجدادنا يتواصلون و يتبادلون عبر الصحارى و البوادي عاماً بعد عام، و يبحرون بسفنهم الشراعية ليلاً و نهارا في البحار الشاسعة سائرين في طليعة التواصل الودي بين مختلف الامم في العصر القديم و من بينهم قان ينغ و تشنغ خه و ابن بطوطه، المعروفون كسفراء الصداقة والتواصل بين الجانبين الصيني والعربي. وانتشرت صناعة الورق وفن الطباعة والبارود والبوصلة من الصين إلى أوروبا عبر المنطقة العربية من خلال طريق الحرير، بينما دخلت من خلاله إلى الصين علوم الفلك والتقويم والطب والأدوية العربية، ما سجل آيات هامة في تاريخ الاندماج والاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات.
وبالتالي فان منتدى التعاون العربي الصيني والذي اسس عام 2004 و الحوار بين الحضارتين العربية والصينية انطلق ليبني منصة انطلاق لتمتين و تعزيز اواصر الصداقة والتعاون بين العالم العربي و الصين , حيث اقيمت العديد من الندوات الثقافية والمعارض الفنية و المهرجانات و معارض الكتب و القصص و المسرحيات و الاسابيع الثقافية العربية الصينية , وتبادل الطلبة و انشاء المعاهد و مراكز الدراسات و الجامعات العربية الصينية و التي اسهمت وتسهم في توحيد الرؤى و الاهداف و المصالح المشتركة والتي تنعكس على الجوانب الحضارية للشعوب العربية والصينية .
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me