الموت نقاد على كفه جواهر يختار الجياد
يوسف عبدالله محمود
02-06-2024 01:33 PM
تمر الأيام ووجع رحيلك ايتها الاخت الحبيبة نعيشه كل يوم، بعد عدة أعوام على رحيلك وذكراك لم تفارق من أحبوك، أُمّاً اخرى كنتِ لنا، يؤرقك ما يؤرقنا، ويفرحك ما يفرحنا.
غادرت مبكراً يا سميرة، وأنت على فراش الموت تصارعين المرض العضال، لم يُسمع منك أنين او شكوى، من وراء زجاج غرفتك في المستشفى كنت تغالبين المرض، فترفعين يدك عالياً لمن يرفع لك يده مُحييّاً، وكأنك تخشين ان تفر الحياة منك قبل ان تودعي الأحبة الوداع الأخير! كبيرة في حياتك ومماتك كنت، حياتك مرت كنسمة عليلة، قبل رحيلك انفرجت شفتاك عن كلمات تختزل دراما الحياة: "لا احد مخلدّ في الدنيا، الدنيا معبر الى الآخرة، نحن ضيوف على الأرض".
أديت رسالتك في الحياة على خير وجه، نَدبتك الحياة لأقدس مهنة، مربية أجيال كنتِ، غرست في نفوس تلميذاتك قيم المحبة والتضحية في سبيل الواجب، غرست حبّ وطن محتل، سيعود يوماً لأصحابه حُراً عزيزاً.
أيتها الراحلة العزيزة، اكبرتك الحياة، لأنك سخية بالعطاء كنتِ، شعارك الذي رفعته دوماً هو "لا يأس مع الحياة، لا تضنّ بالعطاء متى قدرت عليه"، شجاعة كنت وانت تستقبلين الموت. لحظة الاحتضار رُحت تتأملين وجوه من التفوا حولك، وكأنت تقولين لهم: لا تجزعوا فالموت حق. كم كنت متماسكة وانت تواجهينه.
سنوات مرت وذكراك باقية، شمائلك الكريمة نستذكرها، نتعلم منها الكثير ما انبل ما تعلمنا هذه الشمائل! نستذكر الوفاء والحنان والايثار، نستذكر نُبلاً فاق كل نُبل، نستذكر الاخلاص بأبهى صوره.
ترحلين يا سميرة، وذكراك لن ترحل. صوتك ما زال صداه يرن في اسماعنا. ترحلين مبكياً على خصال كريمة عُرفت بها. ينبوع حنان كنت، تسألين عن الكبير والصغير قديسة عشت وقضيت، متفانية في حب وطن بادلك حباً بحب.
سميرة! سنذكرك ما امتدت بنا الحياة.
هو الموتُ نَقّادٌ على كفّه جواهر يختار منها الجيادا
*youseffmahmouddd34@gmail.com