حقوق النزلاء في العهود والمواثيق الدولية والقوانين المحلية
عائشة برهومة
01-06-2024 01:47 PM
كفلت العهود والمواثيق الدولية حقوق النزلاء وواجباتهم، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهنية، وكذلك المشرع الأردني ضمن هذه الحقوق والواجبات في الدستور الأردني لسنة (1959) وتعديلاته وقانون مراكز الإصلاح والتأهيل الأردني رقم (9) لسنة (2004) وتعديلاته.
النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل مسلوبي الحرية لهذا تراعى حقوقهم بأعلى درجة ممكنة وتأمن لهم الوسائل التي تعمل على تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع، لذلك ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقوق النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل منذ لحظة اعتقالهم وحتى صدور الحكم بحقهم كما ضمن لهم إقامة تراعي حقوقهم وإنسانيتهم في هذه المراكز بالرغم من الجرم الذي ارتكبوه.
نصت المادة (9/ الفقرة الأولى) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية " لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفًا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقًا للإجراء المقرر فيه" والمادة (8/ الفقرة الأولى) من الدستور الأردني "لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته إلا وفق أحكام القانون" هذا يعني أن الاعتقال يجب أن يتم وفق القانون وبأساليب تحفظ كرامة المعتقل والخروج عن ذلك يعتبر مخالفة قانونية بموجب الدستور الأردني.
كفلت المادة (11/ الفقرة الأولى) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للشخص الحق في الدفاع عن نفسه حتى وإن كان متهم بارتكاب جرم أو ثبت ارتكابه له، فمن حق المتهم الدفاع عن نفسه أمام المحكمة وتقديم جميع الأدلة التي قد تثبت براءته أو تدينه "لكل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه" وهذا ما كلفه الدستور الأردني أيضًا في المادة (101/ الفقرة الرابعة): "المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قطعي".
ورد في المادة (6/ أ) من قانون مراكز الإصلاح والتأهيل الأردني أنه لا يجوز استعمال القوة ضد أي نزيل وفي حال الحاجة لذلك يجب أن يكون ذلك بعد استخدام الوسائل العادية والإنسانية في التعامل معه "لا يجوز اللجوء إلى استعمال القوة ضد النزيل إلا عند الضرورة وبالقدر اللازم لاستعمالها وبعد استنفاذ الوسائل العادية". كما جاء في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نص صريح لأسس معاملة النزلاء معاملة تتصف بالإنسانية والكرامة والاحترام بغض النظر عن نوع الجرم الذي ارتكبوه ودرجة خطورته المادة (10/ الفقرة الأولى): "يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني".
تتفق المادة (8/ الفقرة الثانية) من الدستور الأردني "كل من يقبض عليه أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز تعذيبه، بأي شكل من الأشكال، أو إيذائه بدنيًا أو معنويًا، كما لا يجوز حجزه في غير الأماكن التي تجيزها القوانين ..." مع المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة" وفي ذلك نص واضح وصريح على أهمية أن تكون المعاملة التي يتلقاها النزيل معاملة تتصف بالإنسانية والكرامة وإن كانت عقوبته الإعدام فقد ورد في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المادة (6/ الفقرة الأولى): "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمي هذا الحق. ولايجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا".
مما سبق يمكن القول بأن العهود والمواثيق الدولية والدستور والقوانين الأردنية كفلت للنزلاء في مراكز الإصلاح الحق في معاملتهم معاملة تتصف بالإنسانية بغض النظر عن الجرم الذي ارتكبوه وذلك من لحظة اعتقالهم مرورًا بصدور حكم في حقهم والإفراج عنهم. كما كفلت لهم الحق في إعادة تأهيلهم وإخضاعهم لبرامج الرعاية والتأهيل التي تعمل على صقل مهاراتهم العملية التي تساعدهم في الحصول على فرص عمل بعد الإفراج عنهم، كما كفلت لهم الحق في الحصول على الرعاية الصحية والنفسية وممارسة النشاطات الاجتماعية والدينية والثقافية داخل مراكز الإصلاح وهذا بهدف حصولهم على بيئة إصلاحية تساعد في بقاء إتصالهم مع المجتمع خلال وجودهم داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، والغاي من ذلك هو حمايتهم من العودة للجريمة مرة أخرى وتكرار الفعل الجرمي.