ما بين العنوان المُضَلِّل .. والمدروس .. والمباشر ..
محمود الدباس - ابو الليث
29-05-2024 11:24 AM
في زمن إعلام الورق.. كان الواحد منا يشتري الصحيفة او المجلة ويقرأ منها ما يريد.. وما يتابعه من موضوعات او كُتَّاب.. وقد يلفت نظره عنوان مقال او خبر فيقرأ محتواه، ولكن بالمحصلة يكون الواحد منا قد دفع ثمن تلك الصحيفة او المجلة.. وحصل ناشروها على عوائدهم المرجوة من ثمن البيع او الاعلانات التي كانت تنشر فيها.
وفي ايام الإعلام الالكتروني.. اصبح موضوع ثمن تصفح تلك الصحيفة او المجلة او الموقع الاخباري يساوي صفرا.. وما يعود على ناشريها يكون جراء الإعلانات التي يعتمد اصحابها على عدد متابعي ومشاهدي وقراء ذلك الموقع.. فأصبح اصحابها يحاولون بشتى الوسائل رفع اعداد المشاهدات والمتابعات لكي يقنعوا المعلنين بجدوى الإعلان عندهم.
من هنا ظهرت الكثير من المغالطات في العناوين غير المهنية.. والتي هدفها فقط جذب القراء للدخول الى تلك الروابط لكي يزيد من عداد المشاهدات.. مع عدم الاكتراث لما ستكون عليه ردات فعلهم..
وعودة الى العنوان.. فإن المتابع للعناوين التي يتم نشرها ونشر روابطها على مجموعات التواصل الاجتماعية.. يجد انها مقسومة الى ثلاثة اقسام.
- العنوان المُضَلِل.. وهنا يلجأ ناشر الخبر او المقال الى شد القارئ للدخول الى الرابط من خلال عنوان يخيل له انه يهمه او يهم مجتمعه.. وفي الحقيقة يكون مختلفا تماما.
كأن يكون العنوان "وزير يخالف الدستور في قراراته".. وحين قراءة الخبر.. تجده يتحدث عن وزير في دولة لا تمت لنا بِصِلة.. ولا يهمنا اصلا ذلك الخبر.. وكذلك "جريمة مروعة تهز اركان المجتمع".. وتكون الجريمة في في بلاد ما وراء البحار.. وقس على ذلك الكثير من العناوين التي ليست لاخبار تهمنا.. والدخول اليها يكون مضيعة للوقت.
- العنوان المدروس.. او ما يسمى بالصادم.. وهو ان يكون الهدف منه تبيان لمعلومة او حقيقة عن شخصية او مؤسسة.. يتم تداول معلومات عنها غير صحيحة.. كأن يكون العنوان "ملفات الفساد في المؤسسة الفلانية".. او "المسؤول الفلاني صاحب القرارات غير المسؤولة".. وهنا يضطر كل من يؤيد ذلك المسؤول او تلك المؤسسة.. او مَن يُبغض ذلك المسؤول او تلك المؤسسة.. للدخول من أجل معرفة حيثيات الموضوع.. وفي داخل المقال يضع الكاتب الحقائق واضحة وبالدليل.. فيزيد المؤيد تأييدا.. وتتضح الصورة للمبغض.. والتي لم تكن لتتضح له لو كان العنوان صريحا.. كأن يقول "المؤسسة الفلانية خالية من الفساد.. او تحارب الفساد".. او "عفية للمسؤول الفلاني صاحب القرارات الرصينة".. لأن المبغضين يبحثون فقط عن السلبيات.. ولن يكلفوا انفسهم عناء قراءة شيء واضح انه لا يتماهى مع رغباتهم.
- العنوان المباشر.. او ما يسميه البعض بالصريح.. وهذا النوع من العناوين يكون عادة في الاخبار.. او المقالات العلمية التي لها متابعوها والذين يبحثون عنها.. ولا ينتظرون ان تأتي لهم.. او مَن يريد توسعة افقهِ ومخزون معرفته.. ولا يمكن اصلا التلاعب في العنوان.. لانه سيخرج الموضوع والهدف برمته عن مغزاه.. وسيصرف عنه نظر الباحثين.
وما ينطبق على عناوين المقالات والاخبار المهنية.. ينطبق على اسماء البرامج التلفزيونية والاذاعية التقليدية.. او تلك التي اصبحت على محطات التواصل الاجتماعية.. فيجب ان يكون عنوان البرامج متطابقة مع محتواها وهدفها.. وليس اسقاط موضوعات لا تمت بِصِلة لاسماء البرامج.
في الختام.. شكرا لكل مَن يعلم كيف يوظف عنوان خبره او مقاله او اسم برنامجه بالشكل المهني والاخلاقي الصحيح.. ولا يستغل عواطف او شغف المتلقي لكي يحقق اهدافه.. فإن ما يمكن ان يُمَرَر اليوم بالفهلوة.. سيتم كشفه غداً.
واذا ما تم وضع اسسٍ وضوابط وادوات لضبط الجودة ولقياس مدى النجاح ومستوى المهنية في العمل.. فلا بد وان يظهر ويَمِيز الغث من السمين.