منذ أن تسلم سلطاته الدستورية في يوم 7 شباط 1999 وهو يسعى جاهداً لإعلاء صورة البلد والأخذ به إلى معارج العلا، حاملاً على كتفه رايات الإصلاح والتحديث السياسي، فقد شكل الحضور السياسي والإعلامي للملك عبد الله الثاني ظاهرة لافتة في القدرة على مخاطبة الرأي العام الإقليمي والدولي فقد أجرى ما يزيد عن (٢٥٥) مقابلة ناهيك عن إلقائه العديد من الخطابات التاريخية، مجلس العموم البريطاني، البرلمان الأوروبي، الكونغرس الأميركي، الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجامعة العربية والمنظمات والمنتديات النوعية العالمية، وعلى الصعيد الداخلي منذ البدايات زار كل أرجاء البلاد والتقى المكونات الإجتماعية، مبدياً توجيهاته ومستمعاً بإصغاء للمطالب كافة، وهذا ديدنه المستمر في التواصل مع أبناء شعبه على مدار أيام السنة مما خلق حالة من التلاحم بين القيادة والشعب وبناء التماسك الوطني عالي المستوى فالأردن بقيادة الملك أوجد بيئة أمنية وعسكرية قوية نسجت حالة من الاستقرار والأمن ندر وجودها بالمنطقة والعالم ومع بدايات القرن واجه الأردن بيئة استراتيجية معقدة تمثلت بعدة أشكال من التطرف منها الإسلام السياسي المتطرف وصعود الأنظمة اليمينية المتطرفة بالغرب، وآخرها اليمين المُتطرف في إسرائيل، وعملت البلاد على إبعاد أذى الإرهاب والتطرف من التأثير على حالة الاستقرار المستمرة وعمل جاهداً على تعزيز استقلال القرار السياسي بما يحقق المصالح الوطنية العليا، والاعتماد على الذات وتعزيز كافة الإمكانيات والقدرات الداخلية بعيداً عن الاعتماد الكلي على المساعدات الخارجية، وسعى الملك عبر خمسة وعشرين عاماً من الحفاظ على القوانين الأردنية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال، ووقف المستوطنات وقضية الأرض والحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ولم يتوانَ يومياً من المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الطهور وتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
خمسة وعشرون عاماً من البناء الوطني فمنذ مبادرة الأردن أولاً عام 2002 التي عززت أسس الدولة الأردنية الديمقراطية، وبث روح الانتماء الوطني وتعزيز سيادة القانون ومن ثم الاجندة الوطنية عام 2005، التي تضمنت مقترحات للإصلاح السياسي على كافة الأصعدة، وجاء برنامج كلنا الأردن الذي هدف العمل على تأسيس منظور وطني شامل ووضع سياسات عامة وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية، وفي غمرة الربيع العربي تكيف النظام السياسي مع المطالب الشعبية بالإصلاح وعمل على تعديل ما يزيد عن ثلث مواد الدستور وإنشاء مؤسسات دستورية جديدة مثل الهيئة المستقلة للانتخاب، المحكمة الدستورية، هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وغيرها من المؤسسات التي شكلت الأرضية الدستورية للتحديث السياسي في الدولة الأردنية. وأنجزت اللجنة الملكية للتحديث السياسي عام 2022 تعديلات دستورية وقانوني الانتخاب رقم 4 لسنة 2022 والأحزاب رقم 7 لسنة 2022 والتي شكلت نقطة تحول جوهرية في بنية النظام هادفة للبدء بأن يكون هناك توسيع القاعدة المشاركة السياسية، وإعادة توزيع الدوائر الانتخابية على المستويين المحلي والوطني، وتمثيل الأحزاب بمجلس الامة بنسبة 30% والسعي لتشكيل حكومات برلمانية ممثلة بمختلف أطياف المكونات الاجتماعية، وتوسيع تمثيل المرأة والشباب في البرلمان القادم.
إن هذا التحديث السياسي، والاقتصادي، والإداري يسير جنباً إلى جنب للفترة القادمة من عمر الدولة الأردنية والذي يقود مسارات هذا التحديث هو الملك عبدالله الثاني الذي يملك إرادة سياسية قوية وعزما لا يلين من أجل أردن محدث ومتطور ومزدهر، وما فتئ من التأكيد على أهمية الحوار واحترام القانون الذي يساهم في بناء التوافق الوطني تجاه القضايا الوطنية كافة، إن الملك ملتزم وجاد في جعل مسيرة الدولة المحدثة تسير بانتظام وتراكمية، فالملك يؤمن بالتحديث التدريجي المنضبط الذي يمكث بالأرض ومن هنا يحق لنا أن نطلق عليه ملك التحديث والحداثة، فعبر حكمه لم يقف الأردن عند نقطة بل سائر إلى الامام بكل اقتدار، ويأتي هذا من مجموعة من الثوابت عالية المستوى، وهي شرعية الملك التي لا يختلف عليها إنسان في البلاد فهو صاحب شرعية الإنجاز الظاهر للعيان، والثابت الثاني هو عشق الأردنيين لديارهم هناك درجة عالية من الإنتماء للأرض والوطن الدولة، وأخيراً حالة التماسك الاجتماعي، ويقول حفظه الله «إن رؤيتنا لمستقبل الأردن واضحة وطموحة وعمادها الإصلاح والتحديث بكافة أشكاله وصولاً إلى تحقيق الهدف الأسمى وهو تحسين المستوى المعيشي وتوفير كل أسباب الحياة الكريمة لكل أسرة أردنية».
الرأي