من شُرْفَة المستقبل أطلّ علينا الحسين
أ.د عبدالباسط الزيود
28-05-2024 11:06 AM
تابعت كما تابع الكثيرون من الأردنيين و العرب و العالم إطلالة ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله على شاشة " العربية " ، و قد أسرني اللقاء بكل تفاصيله المنتقاه بعناية بالغة ، بأسئلته و إجاباته ؛ أسئلة كاشفة و أجابات شافية ، انطلق فيها ولي العهد من مخزون خبرات متنوعة سياسية و اقتصادية و اجتماعية و إدارية ، راكمتها تجربته إلى جانب جلالة الملك الوالد ، حفظه الله، و أخرى من تجاربه هو في منصب ولاية العهد و من كونه سليل أسرة شريفة ، لكنه لا يتكئ عليها وحدها ، فقد أظهرت المقابلة سمو ولي العهد واعياً بمتطلبات العصر المتنوعة و المتسارعة و المتطورة ، التي لا تنتظر الإنسان و إنما تطالبه بالسير سريعاً لمواكبتها و التكيّف مع النافع منها ؛ بمعنى أنه يرى أن مستقبل الأردن ، في الغد المنظور ، محكوم بامتلاكه أدوات العصر الجديدة و اشتراطات الدخول الآمن إلى المئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية ، و لا يكون ذلك إلا بالاهتمام بالتعليم بنوعيه المهني و التقني و الاستثمار بالتكنولوجيا ، و كل ذلك محمول بتأهيل الموارد البشرية الأردنية لتواجه التحديات الكبيرة بعزم و ثقة و علم في عالم باتت الرقمية تحكمه و توجه مساره ، أضف إلى ذلك الاستثمار في القطاع السياحي ، فقد وهب الله الأردن طبيعة خلاّبة و مواقع أثاريّة تأخذ بالألباب.
يبشر ولي العهد الأمير الحسين ،وفق هذه الرؤية ، بالمستقبل الواعد الذي يَلِجَه بثقة عزّ نظيرها نظراً لحداثة سنّه ، بدت واضحة في منطوقه المضبوط بدقة متناهية و لغة جسده و سرعة بديهته ، و هذا ليس وليد يوم و ليلة ، و إنما جاء في سياق تربية و تأهيل مستمرين من لدن جلالة الملك و جلالة الملكة ، يحمل ولي العهد نبوءة المستقبل و يستشرفه و يبشر بغد أفضل ، لا يأبه فيه لتزويق كلامي دون فعل على الأرض و لا وعود ارتجالية دون خطط مدروسة ، تأخذ في حسبانها التحديات التي تواجه الأردن و كيفية التغلب عليها و الفرص التي ينبغي استغلالها و البناء عليها .
أظهر ولي العهد ، في مقابلته ، أهمية المعرفة المستندة إلى الأرقام و البيانات ، و هذه هي لغة المستقبل، من خلالها يستطيع الإنسان الأردني أو واضع السياسات بناء خطط قابلة للتطبيق و النجاح معاً ؛ لأن هذا مستقبل الناس في هذه البلاد ، و ينبغي التعامل معه على أساس المعرفة الصحيحة و تلبية حاجات المواطنين و تقديم خدمات فضلى لهم ؛ تنعكس على أدائهم و انتمائهم ، الذي لا يتحقق إلا بالجدّ و الاجتهاد و تقديم الأفضل لا الأقرب استناداً لمعيار الكفاءة و الاقتدار و الجدارة .
استطاع ولي العهد أن يبعث فينا الاطمئنان بأن الدولة الأردنية ، التي تدخل مئويتها الثانية ، قادرة ، بعون الله ، على مواجهة الظروف و الصعاب كلها سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم أمنية ، و هي ظروف متغيرة و معقدة بآن ، فمحيط الأردن غير مستقر و هذا يرتب علينا و على خططنا المستقبلية ضغوطاً كبيرة ينبغي التنبّه إليها ؛ للحفاظ على أمننا و استقرارنا ، الذي به تمتاز بلدنا و هو ما يوفر بيئة جاذبة للاستثمار .
أخيراً ، أكدّ ولي العهد على أن الأردن باقٍ و إن راهن على غير ذلك دعاة الفوضى و التقدمية ، فزالوا و خابوا و انتهوا إلى نسيان أبدي و بقي الأردن قوياً عزيزاً بفضل جهود الآباء المؤسسين و دماء الشهداء الذين ما بدّلوا تبديلا و سيستمر و يعبر مئويته الثانية مستنداً إلى وعي شعبه و قوة مؤسساته الدستورية و تمسك أهله بقيادتهم الهاشمية .