تفكيك ثقافة الفساد هو الحل الجذري
باتر محمد وردم
16-04-2011 04:28 AM
شهد يوم أمس عددا من المسيرات والاعتصامات التي واصلت الزخم الشعبي المطالب بالإصلاح، ولحسن الحظ لم يتم تسجيل أعمال عنف إلا في مناوشات بين مجموعات من المواطنين وما بين التيار السلفي في الزرقاء أدى إلى مشاركة رجال الأمن في فض النزاع، ومن ثم الاشتباك البدني والذي يحدث عادة نتيجة هذه المواجهات. لا يمكن ببساطة أن تطالب الجهات المتظاهرة والمعتصمة بحماية تامة ومطلقة لأن الشارع ليس ملكا لها وحدها وهنالك جهات أخرى تستطيع أيضا ان تستخدم الشارع لأهداف مختلفة وربما بخبرات وبراعة تنظيمية أعلى وهذه هي ضريبة اللجوء إلى الشارع وعلى الجميع أن يتحملها.
في السياق السياسي لم يحدث تقدم كبير للاسف في مسار لجنة الحوار الوطني باستثناء بعض المقترحات المعقولة التي قدمها أعضاء في اللجنة حول قانون الانتخابات، ولكن لا يزال هنالك غموض حول توصيات اللجنة وهذا أمر طبيعي ولكن من المهم عدم التباطؤ لأن هذا هو المنبر الوحيد حاليا الذي سيحقق نتيجة ملموسة.
الملف الأكثر سخونة في الأسبوع الماضي كان هو ملف الفساد خاصة مع تزايد نشاط هيئة مكافحة الفساد والتي وصلت تحقيقاتها إلى أمانة عمان وسلطة المنطقة الاقتصادية الخاصة في العقبة إضافة إلى ملفات موارد وسكن كريم والكازينو حيث قدم رئيس الوزراء إفادته حول هذه القضية. ولكن الحدث الأهم كان بلا شك تداعيات الخروج الغامض لأحد المحكومين الأربعة في قضية المصفاة وأحد المتهمين الثلاثة في قضية دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع الديسي عام 2007 تحت مظلة شركة موارد وهو السيد خالد شاهين تحت طائلة العلاج في الخارج. ونقول وبكل أسف أن هنالك الكثير من الصخب الذي رافق هذا الموضوع وخاصة عدم وجود رواية رسمية متكاملة مقنعة لكيفية السفر، وتسرع الكثير من وسائل الإعلام في إصدار أحكام مسبقة على الموضوع ولكن بدون وثائق علمية وطبية تثبت هذه المواقف. وفي المقابل فإن إعلان مصادر رفيعة المستوى عن غضب جلالة الملك من هذا السفر غير المنظم للمحكوم إلى الخارج كان لافتا للنظر وشكل حرجا شديدا لكافة من حاول تصوير هذا الموقف وكأنه «أوامر من فوق» ومن الواضح أن صبر جلالته على من يستخدمون اسمه في بعض القرارات الخاطئة وغير المقبولة قد أصبح منتهيا وهذا بحد ذاته إنذار شديد ومباشر بعدم تكرار هذه التصريحات من اي مسؤول في اي موقف في قادم الأيام.
خالد شاهين ليس وحده المشكلة، ولا كذلك فقط عشرات وربما مئات المسؤولين ورجال الأعمال الذين شاركوا في جرائم هدر المال العام وخاصة السنوات الماضية والتي شهدت تسيبا كبيرا، بل هي الثقافة التي كانت سائدة في إدارة الدولة الأردنية وكذلك بعض جهات القطاع الخاص في استسهال الفساد لعدم وجود المساءلة حيث اصبح الفساد مرادفا للقوة والسيطرة والنفوذ وأصبحت النزاهة صفة ضعف وهوان ترافق أي مسؤول يرفض تجاوز القوانين من أجل مصالحه الخاصة أو مصالح الأصدقاء والعائلة الصغيرة والكبيرة وأحيانا مصالح الناخبين والتي تحكمت في الكثير من الصفقات الفاسدة بين النواب والحكومات السابقة.
نحن بحاجة إلى مواجهة ورفض الثقافة التي تصنع الفساد وتجعله الخيار الأسرع والأكثر كفاءة لتحقيق النتائج السريعة في النجاح والحصول على الحظوة والمكانة الاجتماعية، لأن الفساد مثل الرقص والشجار لا يمكن أن يحدث عن طريق شخص واحد بل لا بد من وجود عدة اشخاص تجمعهم مصالح الفساد وهو يظهر في عدة أنماط وأشكال وليس فقط نهب المال العام بل أيضا عدم الكفاءة في العمل وتعطيل مصالح الناس وحقوقهم والاستفادة من كافة الصلاحيات الممنوحة قانونيا من أجل تحقيق المصالح الخاصة، وهي كلها صفات منتشرة بكثرة في المجتمع ولا يمكن أن نخدع أنفسنا بالتحول نحو النزاهة في حال تم سجن عشرة فاسدين من الذين لا نحبهم ولا نرتبط معهم بمصالح وصلة قرابة!
batirw@yahoo.com