في الحديث عن اللقاء المتلفز لصاحب السمو الملكي الامير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد ..والذي بثته قناة العربية مساء أمس ...فإن اسرة آل ماضي وقبيلة العيسى في بادية الشمال ...تتيه اليوم فخراً واعتزازاً وشموخاً..بهذا الإطلالة الاعلامية الرزينة الهادئة الرائعة لولي عهدنا المحبوب ...وبهذا الحضور البهي المهيب لسموه في وجدان الأردنيين بفسيفسائهم الجميلة ..في بواديهم واريافهم ومخيماتهم ..وحضور سموه الفاعل والنشط والمؤثر على الساحتين الاقليمية والدولية ..وفهمه العميق لما يجري من حولنا ...ولتفاصيل همنا ووجعنا الاردني ...واستشرافه الذكي والواقعي لمستقبلٍ واعدٍ ومشرق للأجيال القادمه.

ولأن ارشيف الدولة هو كنزها الثمين وذاكرتها الحية وشاهدها الأمين في مقتبل الايام ومرجعيتها الاصيلة لأجيالها القادمة.. فهي مناسبةً أن نُذكِّر فيها بأن قبيلة العيسى وأُسرة ال ماضي، كان لهما شرف الحضور والشهادة منذ البدايات الاولى لكينونة الدولة الاردنية، وقد كانوا ولازالوا وسيبقون على عهدهم وبيعتهم، وللهاشميين في اعناقهم بيعة مادامت السماوات والارض.

ولأن التأريخ أمانة وقيمة ورمز ... وقد خُدشت كُلها ..فلُعِب فيه وكُتِب بعضه وفق المصالح والرؤى والمروءة القاصرة عن شيم الرجال فغاب الكثير مما يجب أن يُقال أو يُذكر عن قصد أو غير قصد.. وزُوِّر البعض الاخر منه.. ليصنع أحداثاً وأمجاداً..لرجالٍ.. لم يكن لهم أثراً وجذراً في تاريخ البلاد والعباد.. ولهذا كله فقد آثرت اليوم أن ابوح ببعض ماكنزته صدور الآباء والأجداد وما نقلوه لنا شفاهةً وتواتراً عن دورهم الذي غيّبه كُتابٌ وساسة قصار النظر.. لأُثري فيه معرفة الكثيرين من ذوي الاهتمام .. وسأكتفي بالإضاءة على مراحل هامة ومفصلية في تاريخ الدولة ولن أدخل في تفاصيلها حفاظاً على سلمنا الاهلي والمجتمعي وروح المحبة التي تجمع بيننا أبناء اسرة أردنية واحدة من شتى اصولها ومنابتها.

وفي كتابة التأريخ قد نكون نحن ومن سبق من الآباء والأجداد .. قد قصّرنا قصوراً بائناً..في تدوين دور اسرتنا وقبيلتنا في بناء الدولة وتوثيق هذا الدور ونقل حيثياته بأمانة لِتُطل عليه الأجيال من بعدنا ويطّلع عليه المتابعون .والباحثون .

وللحديث عن الحضور السياسي لقبيلة العيسى.. فقد كان الزعيم عواد بن ماضي وصحبه الكرام من زعماء القبائل حديثه الخريشه ومثقال بن فايز وشبيب ابن كعيبر وابن زهير وابن هداية وابن جازي واخرين .. هم الجلساء المقربون والمستشارون المؤتمنون الموثوقون للملك المؤسس عبدالله الاول ابن الحسين.. وفي الإنطلاقة الاولى لأول مجلس تشريعي تشهده البلاد كان الماضي من بين هذه النخبة الخيّرة التي أوكل لها الملك المؤسس مهمة اختيار من يمثل أبناء البوادي في هذا المجلس ...وحين تطاول البعض على هيبة الدولة...واستعانوا بالقريب والبعيد لفتّ عضدها ...وخلخلة أركانها وهي في مهدها...قاد عواد بن ماضي حملةً أنطلقت من قلب عمان .ومن شرفة قصر بسمان ....فأحبطت كيد المتآمرين ..وشتت شمل الحاقدين الموتورين وأفسدت حلم الحالمين ..وفي كل مواقفه تجاه مليكه ووطنه ..لم يسعى الماضي يوماً لشكر او ثناء ...ولم يطلب ثمناً لولاء ...

وحين نَذكرُ بإجلال ..واحترام وتقدير سيرة الجد عواد بن ماضي وسيِّر .اولئك الزعماء الاوائل الميامين أمثال الخريشة وابن فايز وابن زهير وصحبهم .. فإننا نذكر وبكل فخر اولئك الرجال الذين لم تبدلهم الايام والسنين ولم تقلبهم المصالح.. فكان ولائهم هو الأطهر والأنقى والازكى ولازال .