ليس من السهل الاحاطة بجميع مضامين ودلالات المقابلة الشاملة التي اجرتها قناة العربية مع سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد وبثت يوم أمس، ذلك أن المفاصل التي احتوتها اجابات الأمير الخبير في شؤون الحكم والوطن تحتاج إلى قراءات معمقة ففي كل واحدة منها ما هو جدير بالامعان به وما كان ذلك العمق عن ولي العهد بغريب فهو الذي كان وما زال القريب والمتابع والمطلع على المراحل التي شهدتها المملكة الاردنية الهاشمية في عهد حكم والده الملك عبدالله الثاني ابن قائد مسيرة البناء والنماء والتنمية المستدامة.
مقابلة جاءت في وقت دقيق للغاية وضع فيها الأمير النقاط فوق الحروف في مكانها الصحيح حين أكد سموه الحقيقة التي لا مجال لنكرانها والتي كانت سمه تميز بها الاردن منذ التأسيس وكيف استطاع ان يتجاوز التحديات المحلية والإقليمية التي فرضتها عليه التطورات المتتابعة في المنطقة وكان لافتا ان يعزو سموه أسباب ذلك لوعي الشعب الأردني ورغبته في مواصلة العمل على مضاعفة الانجازات الوطنية وتعزيز المكتسبات ثم ما كان ذلك لولا قوة مؤسسات الدولة التي كانت الغلبة فيها لسيادة القانون والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات وهنا يمكن قراءة معنى المواطنة كما نفهمها من نطق الأمير انها ترتبط بقيام كل فرد بواجبه واتمام ما عليه بدقة.
اشارة سمو الأمير الحسين إلى المكانة العالمية التي يحظى بها والده الملك كانت هي الاخرى مما يستوجب الوقوف عليه لان تلك حقيقة شهد بها القاصي والداني إذ احتل الملك منزلته تلك بفعل قوته وشجاعته وصراحته ولغة خطابه السياسي والدبلوماسي عندما كان وإلى اليوم يتحدث إلى العالم بلا تردد وينوب عن الأمة في نقل صوتها إلى المنابر العالمية لا سيما اذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية التي كانت شغل جلالته الشاغل منذ تسلم سلطاته الدستورية كما أنها محور حديث سمو ولي العهد الذي أكد المؤكد في نهج الأردن خاصة فيما يرتبط بتداعيات الحرب على غزة والتذكير بموقف الأردن المطالب بوقف آلة الحرب الإسرائيلية وارغام المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في هذا الخصوص وضمان إيصال المساعدات الطبية والأغاثية وعدم التعرض للمدنيين العزل وفي ذلك نقرأ قول سموه(مصدومون من عجز العالم وقف المذبحة في غزة وشعوب المنطقة فقدت ثقتها بالمجتمع الدولي).
مقابلة على قدر من الاهمية والبلاغة والمحتوى كرسها ولي العهد في مقابلة هي الأولى من نوعها، وكانت مناسبة ليسمع العالم صوت الحق من الأردن هذا الوطن الذي أراد أن تكون له صولات وجولات في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية التي تصدرتها قضية فلسطين وهذا جوهر تأكيد الأمير عندما قال ان الأردن سوف يستمر في دعم الأشقاء الفلسطينيين ضمن أقصى طاقات وإمكانات متاحة.
الرأي