جيلاً بعد جيل، كابراً عن كابر، وإنجازاً فوق إنجاز، وفي خضم تحديات إقتصادية كبيرة وسياسية عميقة، إستطاعت الدولة الأردنية منذ عام 1946 أن ترسم لنفسها مساراً عامراً بالحكمة والإتزان، وتعاملت مع كافة الأحداث المحلية، العربية، الإقليمية والدولية بعمق إستراتيجي وتحليل موضوعي، فلم تَنلها الإساءات والإتهامات، لم ترهقها الإشاعات والمزايدات، ولم تبعدها الإنتقادات والمهاترات عن دورها الإنساني والسياسي في العالم، فكانت وما زالت رمزاً للسلام العادل ومرجعاً للقول الفاصل!
واجه الأردن العديد من المعوقات كان أبرزها الطاقة والمياه والرقعة الزراعية واللجوء وعدم ثبات الأسواق، ومع تعاظم المعوقات تعاظمت الإنجازات في القطاعات المختلفة، فقد شهد القطاع التعليمي والصحي على سبيل المثال لا الحصر نقلة نوعية. القطاع الصحي ومن (7) مستشفيات في عام 1946 إلى (121) مستشفى تقدم خدماتها للمرضى الأردنيين وغير الأردنيين، منها (71) مستشفى خاص أما المستشفيات الحكومية فبلغ عددها (33) مستشفى والعسكرية (15) مستشفى و (2) مستشفى جامعي.
يضم الأردن اليوم (32) جامعة ما بين حكومية وخاصة، تحتوي على مئات التخصصات النوعية، التي جعلت التعليم العالي مطلباً للعديد من الطلاب، حيث يوجد على مقاعد الدراسة في هذه الجامعات الآلاف من الطلاب الذين يمثلون أكثر من (107) جنسية مختلفة حول العالم، جعلت الأردن مركزاً ريادياً لتكنولوجيا المعلومات والابتكار وريادة الأعمال، وبلغ العدد الإجمالي للطلبة على مقاعد الدراسة في جميع الجامعات الرسمية والخاصة لجميع الدرجات حوالي (322349).
الأردن الأول عربيًا في حجم التحسن بمؤشر الخدمات الإلكترونية، حسب تصنيف الأمم المتحدة للخدمات الإلكترونية، وقبل أسابيع قليلة رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تصنيف الأردن الائتماني السيادي طويل الأجل لأول مرة منذ 21 عاما، ورفعت التصنيف الائتماني من الدرجة "بي 1" (B1) إلى "بي اي3" (Ba3) أي ذات جدوى جدارية ائتمانية متوسطة مع نظرة مستقبلية مستقرة. وقالت الوكالة إن رفع التصنيف يعكس الإدارة الفعالة للاقتصاد الكلي والمالية العامة وإجراءات تخفيف المخاطر. على صعيد المالية العامة أكدت الوكالة استقرار مؤشرات المالية العامة خلال السنوات القادمة، حيث توقعت الوكالة أن تتراوح نسبة عجز الموازنة للحكومة العامة ما بين 1.5 إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنتين (2024-2025) بالمقارنة مع 2.1% خلال عام 2023 وما نسبته 2% خلال العام 2022. ووضع دين الحكومة العامة على مسار تنازلي ليصل إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2028 من حوالي 90% عام 2023.
إن تعاظم الإنجاز في القطاعات المختلفة يقدم تأكيداً على أن الدولة الأردنية جادة في ملفاتها الإصلاحية، فرفع التصنيف الائتماني دليل قوي ومحايد من مؤسسة اقتصادية عالمية مشهود لها؛ على استقرار اقتصاد الأردن، ودليل على نجاعة وحكمة السياسات المالية والنقدية التي اتبعتها الحكومة والبنك المركزي.
أخيراً وليس آخراً، على الأجيال الحالية والقادمة أن تدرك أن الإستقلال قد بني بسواعد الرجال وأخوات الرجال الذين لم يلتفتوا كثيراً للأصوات المزعجة التي ما توقفت يوماً ولن تتوقف في هدم كل ما هو ايجابي وبَنت قناعاتها وقراراتها على كل سلبي وتخريبي؛ الإستقلال الذي دفع ثمنه شهداء الوطن من أبطال الجيش العربي والأجهزة الأمنية فلولا الإستقرار الأمني والسياسي لما كان لكل هذه المكتسبات أن تكون؛ الإستقلال الذي قام على العمل المستقر والعلم المستمر ليضع الأردن اليوم في مكانه الصحيح مكاناً لكل مجتهد، ملجأً لكل مضطهد.