مستقلة الانتخابات .. التحديات في تعزيز ديمقراطية الاردن
حاتم القرعان
26-05-2024 09:07 PM
في زمن ينشد فيه الشعب تحقيق إصلاحات جذرية وتغييرات عميقة تضمن تجديد النظام السياسي وتعزيز الشفافية والعدالة، نجد أنفسنا محاصرين في واقع مأساوي ومرير. فبدلاً من أن تكون الديمقراطية ميداناً للتعبير عن إرادة الشعب وتحقيق تطلعاته، أصبحت مجرد واجهة زائفة تُظهر للعيان، بينما يتم تفريغ معانيها وفرض سيطرة الفاسدين.
تعكس مقاعد البرلمان النيابية في القوائم الحزبية اليوم صورة واضحة لتحول الديمقراطية إلى عرض تجاري، حيث يُباع ويُشترى النفوذ بأسعار مالية تُجاوز التوقعات. هذه الممارسات الفاسدة تجعل الأحزاب السياسية أدوات في يد القلة القادرة، بعيدة كل البعد عن كونها ممثلة حقيقية لإرادة الشعب.
ومن هنا، يأتي دور الهيئة المستقلة للانتخابات كمحكم للعملية الانتخابية وحارس للديمقراطية، حيث يجب عليها ضمان سير الانتخابات بشكل نزيه وشفاف، ومحاربة أي ممارسات فاسدة تعرقل وتشوه عملية الاقتراع. يجب أن تتخذ الهيئة إجراءات قوية ضد أي محاولات لشراء الأصوات أو التلاعب في العملية الانتخابية، وتكون على استعداد لمحاسبة المسؤولين عن أي خروقات.
لقد أصبح الفساد وكثرة الفاسدين السائدة في البنية الحزبية تحولت إلى مرض مزمن، يهدد بتدمير أسس النظام السياسي وتحوله إلى مسرحية هزلية بعيدة كل البعد عن الديمقراطية الحقيقية. ففي ظل هذا الواقع المرير، يفقد المواطنون الثقة في النظام السياسي برمته، ويتبدل الأمل باليأس.
الملك وضع رؤية إصلاحية جادة تهدف إلى بناء نظام سياسي يقوم على أسس العدالة والنزاهة، حيث يكون الشعب هو الحاكم الحقيقي والنواب هم ممثلوه الحقيقيون. ولكن، ما لم يتم التصدي لجذور الفساد والتخلص منه، فإن هذه الرؤية ستظل مجرد حلم بعيد المنال.
إن الإصلاح الحقيقي يتطلب تحركاً شاملاً يستهدف قضم جذور الفساد وتحقيق العدالة والمساءلة. يجب على المواطنين أن يتحملوا مسؤوليتهم في اختيار ممثلين نزيهين وفعالين، والوقوف ضد كل من يعبث بمستقبلهم ومصلحة وطنهم.
في النهاية، يجب أن نتحد جميعاً لمحاربة الفساد واستعادة معاني الديمقراطية الحقيقية، لأن مستقبل وطننا يعتمد على قدرتنا على التصدي لتحديات الواقع الراهن وبناء مجتمع يسوده العدل والنزاهة والتقدم.
حفظ الله الأردن وجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين.
بقلم : حاتم القرعان .