الاستقلال والوحدة الوطنيةمحمد حسن التل
26-05-2024 04:10 PM
الاحتفال بالاستقلال واجب وطني لكن ليس فقط بالأغاني الوطنية ورفع الأعلام على السيارات وتدبيج المقالات العاطفية، الأهم من هذا إبراز المعنى الحقيقي للاستقلال ولمسيرة البناء الوطنية وكيف تحقق الاستقلال ودراسة قصة النضال التي أدت إلى قيام كيان سياسي في الأردن.. فقد كان شرق الأردن جزءا من وعد بلفور، وعندما وصل الملك عبدالله الأول، الأمير آنذاك خاض معركة سياسية ملحمية لإخراج الأردن من سياق الوعد المشؤوم وتحقق له في ذلك، وكانت هذه الخطوة الأولى نحو قيام الأردن كدولة، وقامت بالفعل إمارة شرق الأردن وبدأ البناء على أساس المشاركة بين أبناء الأردن جميعا على التراب الأردني كواجب وطني، ولم تقم الإمارة على أسس مغلقة ولا تفريق بين العرق العربي، مما جعل كل عربي يعتبر الإمارة الجديدة إنجازا قوميا يخصه، وأصبح الأردن موئلا لكل ثوار العرب وأحرارهم من جميع الاتجاهات السياسية والفكرية، ولم تكن فلسفة الحكم عند الأمير قائمة على العرقية والإقليمية لأنه كان صاحب مشروع كبير لتوحيد العرب، ومن هذا المنطلق تحول الأردن إلى بلد لكل العرب، وهذا واحد من أسرار بقاء الأردن ثابتا وصامدا أمام كل العواصف التي واجهته في مسيرة بنائه لأن فلسفة الحكم فيه كما أشرت كانت قائمة على ضرورة توحيد العرب كأمة، واعتبار الأردن القاعدة الأولى للانطلاق نحو هذا الهدف ، خصوصا أن العرب كانوا لتوهم قد تحرروا من الحكم العثماني الذي ظل جاثما على صدورهم لأكثر من ثلاثة قرون، وكباقي دول الشام ، بعد التقسيم الذي كان نتاج اتفاق سايس بيكو وقع الأردن تحت الانتداب البريطاني، وعانى كما عانى أشقاؤه في كل الشام ، واستمر الأردن بمحاولة الخروج من تحت عباءة الانتداب البريطاني على مدى 25 عاما، وكان يوازي هذه النضال نضال من أجل منع احتلال فلسطين وقيام دولة لليهود فيها، في الوقت الذي كان الأردنيون يبذلون جهدا كبيرا من أجل هذا الهدف واستقلال الأردن وحماية فلسطين إلى أن توج هذا النضال بالاستقلال وإعلان المملكة الأردنية الهاشمية كدولة عربية ذات سيادة، ولم يتراجع الملك المؤسس عن مشروعه الأساسي في جعل الأردن يستوعب كل العرب، ليكون هذا البلد بالفعل نواة كما أشرت للوحدة العربية على أسس بعيدة عن العنصرية والقطرية المنغلقة ، واستمر الأردن يمخر عباب الأزمات والأهوال، أولها كارثة فسطين، وقيام دولة صهيونية على أرضها وتهجير أهلها في جريمة لم يعرفها تاريخ البشرية، وكانت انعكاسات هذه الكارثة على الأردن كبيرة وعميقة، ولولا أن الأساس كان متينا لكانت النتيجة كارثية ، وبحكم أن فلسطين توأم الأردن في التاريخ والجغرافيا، انتقل للأردن مئات الآلاف من الأشقاء الفلسطينيين للعيش في الأردن وهنا بدأت سطور جديدة في ملحمة البناء للاردن على كل المستويات، وفي كل المجالات، حيث تعاضد الأردنيون مع اشقائهم الفلسطينيين الذي حملوا الجنسية الأردنية دون أن يفقدوا الارتباط بفلسطين، وطنهم الأم بعيدا عن العنصرية والإقليمية، ومن منطلق فلسفة التأسيس الأول للدولة الأردنية القائمة على فكرة أن يكون هذا البلد قاعدة للوحدة العربية، واختلطت كل الاصول والمنابت في حبل سري متين من الاخوة والوحدة من أجل الاردن . |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة