في خضم معركة عض الاصابع الجارية في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية الباسلة و عصابات العدوان الصهيوني المتوالية فصولا منذ ما يزيد على ثمانية أشهر يحاول كلا الطرفين رفع فاتورة الخسائر البشرية في صفوف الطرف الآخر في محاولة لتحقيق مكاسب ملموسة على طاولة المفاوضات التي تسير بالتوازي مع الاشتباكات العنيفة في ساحات المعارك و القتال .
من هذا المنطلق يمكن فهم وتيرة الاستنزاف الدائر لجيش العدو الغاشم في جباليا و رفح و بيت حانون و غيرها من مناطق القطاع على يد رجال المقاومة البواسل في مقابل التدمير المنهجي المنظم الذي تمارسه العصابات الصهيونية بحق أبناء شعبنا العربي في فلسطين من العزل الأبرياء في محاولة بائسة يائسة للضغط على قيادة المقاومة لاجبارها على القبول بشروط الكيان المجحفة لوقف إطلاق النار على نحو مؤقت لا يلبي الحد الادنى من مطالب و طموحات شعبنا المجاهد الصابر المتطلع لتحرير أسراه البواسل من سجون الاحتلال و تخليص شعبا بأسره لا سيما في قطاع العزة و الفخار من براثنه الغاشمة .
اليوم و اكثر من اي وقت مضى تبدو الحاجة مُلِحَةً لتحطيم الروح المعنوية لدى الجبهة الداخلية الصهيونية عبر تصعيد الفعل المقاوم البطولي على غرار ما حدث في مخيم جباليا من كمين دموي و ما بثته كتائب المقاومة من استهداف مباشر من مسافة صفر لجنود الاحتلال على نحو يفضي إلى تصاعد الضغوط الداخلية على حكومة بنيامين نتنياهو لحملها مكرهةً على القبول بوقف فوري للعمليات الحربية في قطاع غزة على ضوء فقدانها المزيد من جنودها بل و وقوع بعضهم في الأسر خلافا لما كان العدو يسعى إليه جاهدا على مدار الاشهر العديدة الماضية من هدف معلن في استرداد أسراه الذين سقطوا في قبضة المقاومة البطلة في عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول اكتوبر الماضي.
إن تسلح شعبنا العربي الفلسطيني بالصبر في حرب الاستنزاف المستمرة منذ ما يزيد على مئتين و ثلاثة و عشرين يوما ينبؤ بقرب ساعة الخلاص و يفسر لنا إلى حد بعيد تراجع العدو في مائدة المفاوضات على وقع خسائره الفادحة و الصمود الاسطوري لثلة من الرجال المؤمنين الصادقين المخلصين لربهم و وطنهم و أمتهم .