العنف مثل النار لا يحتاج إلا لشرارة صغيرة لإشعاله، فقد تكون تلك الشرارة شيء بسيط لكنها عندما تشتعل تصبح كالنيران المستعرة التي تأكل الأخضر واليابس في طريقها ولا تفرق بين الصالح والطالح!!.. غياب العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص كلها أسباب قد تؤدي في كثير من المجتمعات الى إقصاء لغة الحوار عند البعض وإعلاء رايات لغة العنف.. تلك اللغة المقيتة التي يرفضها الجميع دون إستثناء.
مع أن العنف ظاهرة قديمة منذ بدء البشرية.. إلا أن ظهوره المرفوض جملةً وتفصيلاً بالمستوى والشدة التي نشهدها اليوم، قد يأتي نتيجة لظروف إجتماعية معينة.. ولعل من أبرزها الظرف الإقتصادي الضاغط وما يتبعه من أزمات أدت إلى تغيرات عميقة في تركيبة بعض الأفراد، بحيث تركت أثارها على حياة المواطن اليومية وعلى طريقة تعامله مع الآخرين، كما وعملت هذه الضغوط على ارتفاع وتيرة العصبية بين الناس.. إن العنف المجتمعي المستهجن قد يظهر أيضاً لدى القلة نتيجة لمجموعة من العوامل الحياتية المحبطة التي تضغط على الفرد وتعمل على تقليص قدراته والتقليل من إبداعاته!!.
الازدحام السكاني الناتج عن تزايد عدد السكان في المدن الرئيسية وما يرتبط به من توترات، واستفزاز، وتنافس بين الأشخاص على الموارد المتاحة في الحياة اليومية الحديثة، وأزمات السير الخانقة، عوامل رئيسية لرفع نسبة التوتر؛ مما يؤدي إلى إزدياد المشاجرات والمشاحنات بين الناس التي بدورها قد تؤدي الى العنف!!.
بعض وسائل الاتصال والإعلام أسهمت وبشكل ملحوظ في تغذية التوتر وزيادة نسبة العنف في المجتمع لدى الأفراد في الحياة اليومية.. فالهاتف النقال مثلاً بوصفه أداة للإتصالات، قد أصبح في بعض الأحيان وسيلة لنقل أجواء المشاحنات الأسرية وغيرها إلى العمل، أو السيارة أثناء القيادة بعد أن كانتا خاليتين من مثل هذه الأجواء.. كما إن بعض المسلسلات والأفلام تضع المشاهد في عالم من العنف بلا ضوابط، أو عقوبات، أو اعتبارات أخلاقية بحيث يمارس فيها المتصارعون الإقصاء والإلغاء العنيف لبعضهم البعض، مع ما يحيط بهذه المشاهد من هالة التمجيد والبطولة لمستخدمي العنف.
إن التركيز على تفعيل مفاهيم الأخلاق الكريمة في المعاملات، والتسامح، واتباع لغة الحوار لحل المشكلات، واحترام حق الآخر في الحصول على احتياجاته بكفاية مناسبة تحفظ له كرامته الإنسانية من أنجع الوسائل في مكافحة العنف داخل المجتمع.. إضافة الى إشراك الناس في اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم اليومية التي قد تساهم وبشكل فعال في إقصاء لغة العنف وإخماد الفتن!!..
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)