تتسرب معلومة حول اثنتي عشرة بنتاً تبين انهن حوامل في مدارس عمان، قبيل شهر، وأعمارهن لم تتجاوز السادسة عشرة.
لن يعترف احد بهذه المعلومة الدقيقة، لانها حساسة، لكنها تفتح الباب امام التساؤلات عما يجري في مدارس البنات الحكومية والخاصة، بعد ان غاب الدين عن البيوت والتعليم، وبعد ان تم هتك حرمات البيوت بكل هذا الاعلام الفضائي والانترنت.
لا احد في هذه البلد يهمه الملف الاجتماعي والتعليمي، وكل التنظير هو حول الاصلاح السياسي، ووضع الموازنة، والاعتصامات والمسيرات ترفع كل الشعارات، باستثناء اصلاح الاخلاق، لانها آخر ما يهمنا.
حين ترى كل هذه الالاف في المساجد، يوم الجمعة، تتأمل وانت في الصلاة سؤالا يقول: اذا كان كل هؤلاء يصلون، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن هم اولئك اذن الذين يسرقون ويهتكون ويحتالون وُيفسدون ويأكلون الربا، الى آخر هذه القصص.
من هم اولئك الذين يشتمون ويشاركون في الجرائم والمشادات والعنف المجتمعي، ومن هم اولئك الذين لا يؤدون حقوق الناس، ويعقون اهلهم، وينهبون ميراث اخواتهم، ويزنون ويشربون، الى آخر كل تفاصيل المشهد الاجتماعي.
هذا ليس طعناً في المصلين، لكنه طعن في المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، بمعنى ان الصلاة هنا لم تضيء القلب بل كانت رياضة وطقساً، ينتهي بملوخية الجمعة، او منسفها، وغفوة غبية تقترب من حدود الغيبوبة.
فساد البنات بطبيعة الحال لا يتم الا بفساد الذكور في المقابل، لان الانثى لا تفسد وحدها، غير ان شيطنة الفساد وربطه بالانثى، جعل البنت هي المجرمة دائماً، والخبر يقول ان اثنتي عشرة بنتاً تم اكتشافهن حوامل، ولا احد يسأل عن الجناة والمجرمين.
اذا مررت بجانب مدرسة حكومية للبنات، ترى المواعدة السرية والعلنية، والخلويات التي بيد البنت دون معرفة اهلها، واتصالات العشاق التي تجري ليل نهار، فيما الاب مُلقى على بطنه، بعد ان تكور وبات تلة دهون، غارق في هموم الفواتير وديون العائلة.
ذات المدارس الخاصة باتت مرتعاً لكل المخالفات الاخلاقية، من مرور ظواهر «الايمو» وعبدة الشيطان، وصولا الى العلاقات المحرمة من درجات مختلفة، والاستعداد «الثوري» لمرحلة الكلية والجامعة حيث ذروة تفريغ الرغبات والشهوات وسوء الاخلاق.
الملف الاجتماعي والتعليمي والاخلاقي في البلد بحاجة الى مراجعة، وقد مللنا وعظاً وارشاداً، ولا بد من مراجعة كل هذه المنظومة الاخلاقية، ووضع معايير جديدة في التعليم والبيوت والمناهج ووسائل الاعلام.
الذي يريد الحصانة للطلبة ذكوراً واناثاً، لا يؤسس المدارس بجانب بعضها البعض، بحيث يجلب البنزين الى النار، ولا يترك مواعيد المغادرة وانتهاء الحصص واحدة، ولا يفرغ المناهج من اي قيمة نورانية للدين.
اذا تتبعت القنوات العربية التي تبث افلاماً اجنبية، تعرف ان التغذية اليومية تقود البيوت الى الخراب، والفضائيات التي كانت تمنع بث لقطة الممثل الذي يدخن، باتت تبث يومياً وفي كل الاوقات لقطات الجنس والحب والفراش، فتلسع وتحرق دم المشاهدين.
غزو قذر بكل المعاني، مقابل عدم حصانة، وحرب على التدين، وتغييب لكل القيم، بحيث يتم أخذ المجتمع، الى شكل جديد، ظاهره شيء، وباطنه شيء اخر، طلته بيضاء، وما خلف وجهه سواد.
تجفيف الاخلاق يتم يومياً، بكل الوسائل، والاباء والامهات، عليهم ان يستيقظوا من غفلتهم، لان اعز ما عندهم، بناتهم واولادهم، تتم سرقتهم، فلا متابعة ولا تربية.
هذه حروب اخطر من حروب الجيوش، لان حروب الجيوش تحسم النتيجة سريعاً، وتحصي قتلاها وجرحاها، اما هذه فحروب بطيئة، قتلاها لا حصر لهم، وجرحاها في كل بيت، ونتيجتها هزيمة كبرى، لا يتلمسها احد مباشرة.
ثم يزمون شفاههم ويقولون لك: ما لك والشأن الاجتماعي، فهذه حريات شخصية!؟.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)