ذكرى الاستقلال فرح وتضامن
د. كايد الركيبات
25-05-2024 08:17 PM
في وسط جغرافي دولي لم يعرف الاستقرار والسلم المطلق، منذ انطلاق شرارة الحرب العالمية الأولى حتى هذا اليوم، كانت منطقة الشرق الأوسط، كما أصبحت تعرف في دوائر السياسة والإعلام الأوروبي والأمريكي، من أكثر المناطق حضوراً في السياسات الخارجية الدولية، من جهة لمنع إقامة وحدة عربية يمكنها التكامل وتشكيل قوة عالمية مؤثرة قادرة على تهدد المصالح الاستعمارية، ومن جهة ثانية الحاجة للتخلص من فلول اليهود في العالم وتوطينهم بعيداً عن أوروبا والعالم الجديد، حتى أستقر الأمر على تقسيم المشرق العربي لدول ودويلات قطرية متنازعة، وتم زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي وقطع وصال مشرقه بمغربه.
في تلك الظروف السياسية الصعبة، كانت جهود الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، ترمي لتوحيد كلمة أحرار العرب، للتخلص من السيطرة الاستعمارية، التي شدت قبضتها على البلاد السورية ولبنان، لكن واجهته صعاب كبيرة حدت من طموحاته وطموحات أحرار العرب وقتها، ولم يكن أمامهم سوى البقاء في منطقة شرقي الأردن، وتأسيس دولة، على أمل أن تكون قاعدة الانطلاق لمشروع وحدوي عربي، و ــ من جديد ــ توافدت المشاكل والمعيقات، لكن هذه المرة كان مصدرها الطموح السياسي المتعاظم لدى فريق كبير من رجال السياسة العرب، في مشرق الوطن العربي وغربه، للانفراد بالسلطة والاهتمام بقضاياهم القطرية على حساب وحدة الصف والكلمة العربية، لم يكن من خِيار أمام الملك المؤسس إلا العمل جاهداً على تنمية الدولة الأردنية الناشئة.
تأسست الدولة الأردنية 1921 واستقلت عن بريطانيا عام 1946، وتحتفل اليوم بالذكرى 78 من الاستقلال، الذي يمثل في وجدان كل مواطن أردني إرادته في التعايش السلمي ضمن منظومة مجتمع دولي عالمي، الدولة الأردنية كغيرها من دول العالم، تطوقها القيود والمسؤوليات المحلية والإقليمية والدولية، وهذا يعني أنه لا توجد دولة تحظى بالاستقلال التام المطلق، الذي يخولها الانفراد في التصرف، أو اتخاذ الخطوات التي تريدها بمعزل عن المجتمع الدولي، إلا أن تكون دولة مارقة، أو دولة تجد الدعم والمساندة من القِوى العظمى لتحقيق مصالح استعمارية تحت غطاء سياسي أو أمني، كما هو حال دولة الكيان الصهيوني في حربها المستعرة على قطاع غزة.
حال الأردن اليوم كحال بعض دول العالم، التي تحاول في سياقات سياسية إنهاء الحرب على غزة، بما تمتلكه من أدوات سياسية، وقدرات تفاوضية، ترتكز في أساسها على اتفاقيات ومعاهدات دولية، على اعتبار الوضع القانوني والدولي الذي خول الكيان الصهيوني أن يكون في عضوية المجتمع الدولي، تحت مسمى دولة إسرائيل، شاء العرب ذلك أم لا. للدولة الأردنية خصوصية لا تصلها دولة عربية غيرها تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته المصيرية الخالدة، لهذا تجد الشعب الأردني دائماً في مقدمة صفوف المواجهة للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، معتبراً القضية الفلسطينية قضيته، وقفة صدق وشرف يساندها ويدعمها ويحث عليها جلالة الملك وسمو ولي العهد، وفي ذكرى يوم الاستقلال لم تغب عن أولوياتهم جهود التوصل إلى وقف فوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.