أبناؤنا ومواقع التواصل الاجتماعي
معتز بالله عليان
24-05-2024 10:38 AM
لا شك أننا الان في عصر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والسرعة ونقل الأخبار بأكثر من وسيلة تواصل. في السابق كان الإعلام مقتصراً فقط على الإعلام المقروء، المكتوب والمسموع وكنا نذهب للبحث عن المعلومة. إلى أن غزت وسائل التواصل الاجتماعي بيوتنا وعقولنا وبات وصول المعلومة أسرع وأسهل من أي وقت مضى. وهكذا... فقد أفرزت الثورة المعلوماتية العديد من النتاجات التي غيرت خارطة العالم، فبعد أن كان تصنيف الدول إلى دول غنية وأخرى نامية وفقيرة يعتمد على مدى ما تمتلكه من ثروات وموارد مالية وطبيعية، أصبح التنازع في عصر التكنولوجيا المعلوماتية على الوصول إلى أعلى مراتب التصنيف الجديد والذي اعتمد بشكل كبير على مدى تقدم الدول تكنولوجيا وكيفية مواكبتها للثورة المعلوماتية والرقمية وتطبيقاتها، فكان أن ظهرت الدول التكنولوجية المتقدمة والدول المتخلفة تكنولوجيا. وتمثل شبكة المعلومات أحد مظاهر ثورة المعلومات فهي تؤدي دورًا أساسيًا في صياغة الأنشطة الرئيسية للإنسان في شتى نواحي الحياة، فتقصر المسافات، وتزول الحواجز الزمنية والمكانية، ويكون بإمكان من يعيش في أقاصي الأمكنة أن يعلم ما يجري في أدانيها، بكبسة زر واحدة "الكبسة السحرية".
ولعل سحرها يكمن في تأثيرها المزدوج على مستخدمها ومتلقّي المعلومات عبرها؛ فعلى الرغم من إيجابياتها المتمثلة في سهولة الحصول على المعلومات وتبادلها، والتواصل من الأصدقاء داخل وخارج الدولة، وزيادة المستوى المعرفي والثقافي والتعليمي، فضلاً عن إسهامها الملحوظ في تطور طبيعة العلاقات القائمة بين المواطن والوسائط الإعلامية والإعلاميين، وهي تطورات تعيد النظر في الافتراضات التي غالبا ما تأسست عليها الأدوار التقليدية لوسائل الإعلام. لكنها تلقي بآثارها السلبية على حياتنا وأبنائنا بشكل يستدعي الحذر الشديد من تبعاتها السلوكية، والفكرية، والثقافية، التي أصبحت في مرمى نيران التغيير الجذري الهادم، إذا ما تمكنت من السيطرة على عقول مستخدميها خاصة من فئات الأطفال والشباب، فقد أسهمت في تنامي ظاهرة العنف والانحراف السلوكي والميل للجريمة في أوساط الشباب الصغار والمراهقين، وتفشى الفساد الأخلاقي في مجتمعات البلاد العربية، بالإضافة إلى التأثير السلبي على جانب الحياة الأسرية والعائلية كالعزلة والانطوائية وفقدان الرغبة في مجالسة الأبناء لآبائهم والتحاور فيما بينهم، إذ أصبحت لدى الكثير من أبنائنا قناعة بأن حل أي مشكلة أو إجابة أي مسألة تدور في أذهانهم غير الناضجة سيكون في تلك المساحات الافتراضية بعيداً عن سلطة الأبوين والمدرسة والمجتمع.
وهذا ما يجدد لدينا أهمية وضع تعليمات وإرشادات، وتعزيز وتطوير ما هو قائم منها بالفعل، يتم توجيهها ليس فقط للشباب المستخدمين للانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وإنما للمعلمين والقائمين على العملية التربوية في مختلف المؤسسات التعليمية. وهذا ما أراه يندرج تحت ما يمكن اقتراحه مساراً اجتماعياً تربوياً وتثقيفياً جديداً ... هو منهج "التربية الإلكترونية".
*معتز بالله عليان /ماجستير صحافة وإعلام .