عمون - انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعة الاردنية صورة مصغرة عن ما سيحدث في العاشر من سبتمبر القادم . فمع نهاية الاقتراع وإغلاق الصناديق تبين الفرق بين الجد واللعب وظهر يقينا ان البدلات المنشية وربطات العنق الملونة والأحاديث البعيدة عن روح المجتمع لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تضع في الصناديق إشارات تفرح احصنة السباق التي راهن عليها المنظرون للإصلاح...

مثل كل الأردنيين يتمسك شباب الجامعات بعناصر هويتهم العضوية التي تشكلت من العلاقة الطبيعية بين هذه الارض والانسان حيث يلعب الدين والعشيرة والجغرافيا عوامل مهمة في تحديد مواقف وخيارات الناخبين حتى وان كان الناخب يمارس حقه في اختيار الممثلين لارادته في مؤسسة تعليمية لها رؤية ورسالة واهداف ترتبط ببناء الانسان واعداده للحياة في مجتمع واقليم وعالم لا يخلو من المخاطر والتهديدات الوجودية.

الاتجاه الإسلامي وبالرغم من كل الاعاصير التي هبت على خيامهم والخلط الممنهج لاوراقهم كان حاضرا بقوة ليحصد ما يقارب نصف المقاعد ويتربع على قمة هرم القوى الفائزة في السباق الذي شابته بعض مظاهر واشكال التعبير العنيف الذي اعتقدنا انها تلاشت من جامعاتنا بعد اعلان الدولة عن تشجيعها الشباب على الانتساب و الترشح والمشاركة في عمليات الانتخاب والتزامها بإزالة كافة أشكال الملاحقة والتضييق التي كانت تمارسها الاجهزة بحق الحزبيين واقرباءهم وانسباءهم واصدقاءهم وجيرانهم.

في الأشهر القليلة الماضية جال دولة رئيس الوزراء وعدد من أركان حكومته في جامعات الشمال والجنوب والوسط لحث الطلبة على الانخراط في الاحزاب وجرى تشجيع العشرات من الاساتذة الطامحين والطامعين على الانخراط في الاحزاب التي تشكلت بسرعة تفوق التوقعات .كما نظمت الاحزاب التي اصبغت عليها الهالة الرسمية عشرات الفعاليات الترويجية لتطلعاتها وأساليب عملها دونما صدى يذكر او أثرا يبقى.

اليوم ينظر الشارع الاردني لما جرى في ام الجامعات الاردنية بأنها المناورة الأولى بالذخيرة الحية التي تتخذها الاحزاب لاختبار شعبيتها وجماهيريتها ومستوى الإيمان بما تطرحه والقدرة على اختيار الممثلين وتوجيه الدعم والتحرك في أجواء تشبه ما سيجري في العاشر من أيلول...

قدرة الاحزاب على تطوير خطاب بصدقية عالية يحاكي هوية وتطلعات الناس ويقوم عليه قيادات موثوقة هو ما يحتاج له مجتمعنا ليعبر مفاصل المراحل الصعبة . من غير المجدي للدولة ولا للمجتمع الاصرار على تفريخ عشرات الأحزاب التي لا فرق بين ما تطرحه من افكار وايدلوجيات ويفتقر غالبيتها الى اطروحات واقعية ومقنعة لاحداث التغيير الذي يمكن ان يبنى قدراتنا الوطنية ويأخذنا و البلاد الى حالة الاعتماد على الذات .

النوايا الحسنة والمظاهر البراقة والتمظهر بامتلاك الدعم الخارجي والمبالغة في التعبير عن ان البعض اكثر حرصا على البلاد من غيرهم استراتيجية عقيمة ونهج لا يفضي الى الاصلاح بقدر ما يعمق الازمة ...

اطيب التهاني للشباب الذي حقق الفوز بانتخابات اتحاد الجامعة وحظا اوفر لمن حاولوا ولم يحققوا الفوز والخير كل الخير للاردن الذي يسبح في بحر تتعالى فيه أمواج الازمات وتزداد ثقة اهله بقدرتهم على الحل.