قراءة في فكر الملك عبد الله الثاني (11)
د.أحمد علي عويدي العبادي
22-05-2024 11:53 AM
الرؤية الملكية في الأحزاب السياسية
كنت قد استعرضت في الاجزاء العشرة السابقة من هذه الدراسة "الرؤية الملكية في الانتخاب ودور مجلس النواب " وفي المحور الثاني من هذه الدراسة أتناول موضوع " الرؤية الملكية في الأحزاب السياسية " حيث ابين في مقدمة تطور العمل الحزبي في المملكة، ثم ابين رؤية جلالة الملك لشروط تشكيل الأحزاب السياسية وتطويرها وأهمية الأحزاب السياسية ومهامها والدعوة للمشاركة فيها وذلك على النحو التالي:
مقدمة:
يرتبط نشوء الأحزاب السياسية في الدول بالتنمية والتحديث السياسي، وللأحزاب دور في التنوير والوعي والتنمية السياسية، وتتحقق التنمية السياسية من خلال مشاركة المواطنين كافة في العمل الحزبي، وللأحزاب دورها المهم في العمل العام، ويتجلى ذلك في خوض الانتخابات على المستويات كافة، فتشارك في الانتخابات النيابية والمجالس البلدية وأمانة عمان ومجالس المحافظات والنقابات ومجالس الطلبة والجمعيات وغيرها من الجهات.
لقد مرت الأحزاب في المملكة الأردنية الهاشمية بمراحل مختلفة من حيث الدور الذي تمارسه والشروط اللازمة لترخيصها، ومنعها في حقبة زمنية من تاريخ المملكة، وتعاقب التشريعات التي تحكمها وتنظم علمها.
شهدت المملكة الأردنية الهاشمية منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، تأسيس العديد من الأحزاب وذلك إيمانا من جلالة المغفور له الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين بالديمقراطية والتعددية السياسية، فقد شهدت تأسيس حزب الاستقلال العربي، وكان جل أعضاء الحكومة الأردنية الأولى التي تشكلت في 11 نيسان 1921 ينتمون إليه، وكذلك تأسس حزب العهد العربي سنة 1921، وجمعية الشرق العربي التي تأسست بموجب قانون الجمعيات العثماني، وحزب الشعب الأردني الذي تأسس سنة 1927، وحزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني تأسس عام 1929، والحزب الحر المعتدل تأسس عام 1930، وحزب العمال الأردني "جمعية مساعدة العمال" تأسس عام 1931، وجمعية الشباب الأردني المثقف تأسست سنة 1933، وحزب التضامن العربي تأسس عام 1933، وحزب اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشعب الأردني تأسس عام 1933، والحزب الوطني الأردني تأسس 1936، وحزب الإخاء الأردني تأسس سنة 1937.
كما شهدت المملكة كذلك تأسيس العديد من الأحزاب في الخمسينات من القرن الماضي، حركة القوميين العرب "فرع الأردن" بدأت بالعمل في المملكة عام 1953، حزب البعث العربي الاشتراكي "فرع الأردن" تأسس عام 1952، وحزب الاتحاد الوطني سنة 1952، وحزب الأمة سنة 1952، والحزب الوطني الاشتراكي الأردني سنة 1954، والحزب العربي الدستوري تأسس سنة 1957.
وقد تأسس كذلك جماعة الإخوان المسلمين سنة 1946، والحزب الشيوعي ظهر على الساحة الأردنية سنة 1951.
صدر في المملكة الأردنية الهاشمية قانونان للأحزاب في الخمسينات من القرن الماضي هما، قانون تنظيم الأحزاب السياسية رقم (3) لسنة 1954، وقانون الأحزاب السياسية رقم (15) لسنة 1955.
بتاريخ 25 نيسان 1957 أُعلنت الأحكام العرفية في البلاد استناد لنص المادة (125) من الدستور وتم إلغاء الأحزاب السياسية والتنظيمات في جميع أنحاء البلاد وعين سليمان طوقان وزير الدفاع في حكومة إبراهيم هاشم حالكماً عسكرياً عاماً في المملكة.
في عام 1992 صدر قانون الأحزاب الأردني رقم (32) لسنة 1992 سنداً لنص المادة (16) من الدستور الأردني والتي تنص على ما يلي:
1- للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون.
2- للأردنيين حق تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية على أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور.
3- ينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية ومراقبة مواردها.
وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله صدر قانون الأحزاب السياسية رقم (19) لسنة 2007، وقانون الأحزاب السياسية رقم (16) لسنة 2012، وقانون الأحزاب السياسية رقم (39) لسنة 2015 وأخيراً قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022، وقد جاء صدور هذه القوانين بناء على توجيهات من جلالة الملك لتطوير العمل الحزبي في المملكة.
وسوف أبين تالياً "الرؤية الملكية في الأحزاب السياسية" من بيان رؤية جلالة الملك لشروط تشكيل الأحزاب السياسية وتطويرها وأهمية الأحزاب السياسية ومهامها، وكذلك الدعوة للمشاركة فيها.
شروط تشكيل الأحزاب
لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رؤية في تشكيل الأحزاب تتضمن توافر شروط أساسية على النحو الآتي:
أولاً: أن تكون الأحزاب وطنية
يقول جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي الأول لدولة السيد علي أبو الراغب بتاريخ 19 حزيران 2000: (إن الديمقراطية لا تكتمل إلا بالتعددية السياسية، وعلى ذلك فإننا نؤيد تشكيل الأحزاب الوطنية والانضمام إليه)، ويضيف جلالته في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1 كانون الأول/ ديسمبر/2003: (إن واجب القطاعات الشعبية، ومؤسسات المجتمع الأهلي، ومنابر الحوار والفكر، أن تستجيب إلى دعوتنا هذه بإخلاص، لتعمل على إحداث تحول إيجابي وجذري، في مسيرتنا الديمقراطية، عبر إطلاق حركة حزبية وطنية حقيقية، هاجسها "الأردن أولاً" وتستمد شرعية وجودها، من التزامها بقضايا الوطن، وحاجات الإنسان الأردني وتطلعاته، فنحن نؤمن أن وجود الأحزاب السياسية، ومن ضمنها أحزاب المعارضة الوطنية، أمر حيوي وضروري للدولة العصرية، ونحن نتطلع إلى اليوم الذي تكون فيه أحزاب المعارضة الوطنية المنتمية، شريكاً في صنع قرارنا الوطني).
من خلال ما تقدم فإن جلالته يدعو إلى أن تكون الأحزاب وطنية، ويتوجب على القطاعات الشعبية ومؤسسات المجتمع الأهلي، ومنابر الحوار والفكر العمل على إحداث تحول إيجابي وجذري عبر إطلاق حركة حزبية وطنية حقيقية همها الأردن ومصالح شعبه وهاجسها "الأردن أولاً"، وتستمد هذه الأحزاب شرعية وجودها من:
1- التزامها بقضايا المملكة الأردنية الهاشمية.
2- التزامها بحاجات الإنسان الأردني وتطلعاته وقضاياه.
إن قول جلالة الملك بأن تكون الأحزاب في المملكة الأردنية الهاشمية أحزاب وطنية يقصد به أن تشكل هذه الأحزاب عبر قواعد شعبية أردنية، وأن تهدف هذه الأحزاب إلى الالتزام بالقضايا الوطنية في كافة صورها وأشكالها وتحدياتها وكذلك الاهتمام بحاجات المواطنين الأردنيين وقضاياهم.
أرى بأن تأكيد جلالة الملك بأن تكون الأحزاب في المملكة الأردنية الهاشمية أحزاباً وطنية له ما يبرره, فقد شهد الأردن منذ نشأة الإمارة قيام العديد من الأحزاب القومية وأحزاب أخرى مرتبطة بأيدولوجيات عالمية، وقد شهدت المملكة في فترة زمنية خلاف مع بعض الأحزاب، وكان بعضها يربط علاقته بالأردن بعلاقة الدولة التي ينتمي إليها الحزب بالمملكة الأردنية الهاشمية، واعتقد بأن هذه الحالة لا تستقيم مع الضرورات الحزبية الوطنية التي تجتهد وتتفق وتختلف لكن كل ذلك في إطار المصلحة الوطنية للمملكة، وقد تنبه المشرع الأردني لذلك حيث تنص المادة (15/و) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على أن يلتزم الحزب بعدم الارتباط التنظيمي أو المالي بأي جهة غير أردنية أو توجيه النشاط الحزبي بناءً على أوامر أو توجيهات من أي دولة أو جهة خارجية.
وأشير في هذا الصدد بأنه عند الحديث عن الأحزاب الوطنية فإن ذلك لا يعني أن تنغلق هذه الأحزاب على ذاتها دون أن تقيم علاقات سياسية مع أحزاب أخرى، فقد أجاز المشرع الأردني ذلك ضمن أحكام القانون، حيث تنص المادة (23/ ز) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على ما يلي: (للحزب إقامة علاقات سياسية مع أحزاب أخرى داخلية أو خارجية أو مع اتحادات أحزاب سياسية دولية، على أن لا تشكل تلك العلاقة ارتباطاً تنظيمياً للحزب بتلك الأحزاب أو الاتحادات وشريطة الالتزام بأحكام الدستور والقانون).
وبالإضافة إلى ما تقدم فقد شاب العلاقات البينية لهذه الأحزاب خلافات على الساحة الأردنية رغم أنها أحزاب غير وطنية، حيث تتأثر العلاقة بينها في العلاقة بين الدول التي تنتمي إليها هذه الأحزاب، وقد حدثني أحد الأصدقاء من الأغوار الشمالية بأن نزاعاً قد نشب بين أخوين من أقاربه بسبب انتمائهم الحزبي، حيث قام أحدهم برفع صورة لزعيم الحزب الذي ينتمي إليه، فقام الآخر بإزالة هذه الصورة، ورفع صورة زعيم الحزب الذي ينتمي إليه هو، مما نتج عن ذلك خلاف بينهما تطور إلى الضرب بالأيدي، وأدى ذلك إلى حدوث انقسام في العائلة، وقد دار نقاش بيني وبين هذا الصديق حول هذا الأمر وتداعياته، وما هو موقف هذين الحزبين من المملكة، وبالتالي موقف دولهم، وهذا يقود إلى تساؤل آخر، ما جدوى عمل الأحزاب غير الوطنية على الساحة الأردنية، وكيف يمكن لهذه الأحزاب أن تهتم بالشأن الوطني الأردني طالما هي تعمل وفق عقيدتها الحزبية وانتمائها لتلك الدول، التي تختلف أولوياتها و أدبياتها، وحتى لا يقول البعض بأنني ضد تلك الأحزاب ومحاولة التقليل من شأنها، أقول بأنني أعرض حالة، تقتضي الضرورة بيانها.
مما تقدم أقول بأن توجيه جلالة الملك بأن تكون الأحزاب في المملكة الأردنية الهاشمية أحزاب وطنية بما فيها أحزاب المعارضة الوطنية وتهتم بالشأن الوطني الأردني قول يتفق مع المنطق السياسي والضرورات العملية حتى تحقق هذه الأحزاب رسالتها وأهدافها.
ثانياً: أن يكون للأحزاب السياسية برامج وطنية:
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1/12/2003: (أن يكون لهذه الأحزاب، برامج وطنية متكاملة وشاملة).
ويقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثانية بعنوان "تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين" بتاريخ 16 كانون الثاني/ يناير 2013: (من متطلبات التحول الديمقراطي الناجح حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق، ولا شك أن هذه العملية تحتاج إلى وقت حتى تنضح، ومع وصول أحزاب سياسية تتنافس على مستوى وطني، ووفق برامج تمتد لأربع سنوات إلى مجلس النواب).
ويضيف جلالته في الورقة النقاشية الثالثة "أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة" بتاريخ 2 آذار/مارس 2013: (تبني الأحزاب لبرامج وطنية واضحة ونظم عمل مهنية، إن النظام السياسي القائم على أحزاب ضعيفة غير قادر على كسب ثقة المواطنين وحفزهم على الانخراط في الحياة العامة، ولتجاوز حالة التشكيك والتردد القائمة، تحتاج الأحزاب السياسية إلى تطوير برامج قوية مبنية على سياسيات واضحة تستجيب إلى تطلعات وهموم جميع الناخبين، كما أن على هذه الأحزاب أن تكون قادرة على توضيح هذه البرامج للمواطنين من خلال حملات على مستوى عال من المهنية والاحترافية للعمل السياسي والانتخابي بهدف الفوز في الانتخابات وتشكيل الحكومات).
ويقول جلالة الملك في الرسالة الملكية الموجهة لدولة السيد سمير الرفاعي بتاريخ 10 حزيران 2021 والتي بموجبها تم تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وعهد إلى دولته برئاسة اللجنة:(والأمل معقود عليكم للخروج بإطار تشريعي يؤسس لحياة حزبية فاعلة قادرة على إقناع الناخبين بطروحاتها، للوصول إلى برلمان قائم على الكتل والتيارات البرامجية).
في هذا يؤكد جلالة الملك بأنه يتوجب أن يكون للأحزاب السياسية برامج، بحيث تتميز هذه البرامج بما يلي:
1-أن تكون هذه البرامج برامج وطنية، بحيث تكون معنية بالدولة الأردنية في مستقبلها وتطورها وبنائها وازدهارها، والتعامل مع كافة قضاياها ومشاكلها، وكذلك الاهتمام بالمواطن الأردني وتحقيق كل ما يحقق له الحياة الكريمة، والتعامل مع قضاياه ومشاكله وإيجاد الحلول المناسبة واللازمة لذلك.
2-أن تكون هذه البرامج متكاملة وشاملة وهذا يعني أن تكون البرامج في كافة المجالات التنموية والصحية والتعليمية والخدماتية والمالية العامة وإدارة المرافق العامة والبيئة والإعلام وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين ومعالجة الفقر والبطالة.
إن تأكيد جلالة الملك بأن تكون هذه البرامج الوطنية التي تطرحها الأحزاب السياسية متكاملة وشاملة أن تغطي كافة المجالات دون أن يقتصر ذلك على بعض المجالات وإهمال المجالات الأخرى وهذا يقتضي بالضرورة تحقيق التوازن والتكامل والشمول في ضوء الإمكانيات والإيرادات العامة، وهذه مسألة على درجة عالية من الأهمية، بحيث يتوجب أن تكون برامج الأحزاب مدروسة ودقيقة لتكون متكاملة وشاملة، وأن لا يقتصر البرنامج على الجانب الشعوبي بغض النظر عن الشمول والتكامل الذي يراعي الإمكانيات والتحديات والمقدرات.
وقد استجاب المشرع لتوجيهات جلالة الملك ونص في المادة (18) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على ما يلي: (على الحزب أن ينشر على موقعه الإلكتروني برنامجه الذي يحدّد فيه رؤيته وأهدافه وخططه وحلوله إزاء القضايا الأساسية في المجالات المختلفة).
ثالثاً: أن تكون الأحزاب السياسية شريكة في صنع القرار الوطني
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1 كانون الأول/ديسمبر 2003: (أن وجود الأحزاب السياسية، ومن ضمنها أحزاب المعارضة الوطنية، أمر حيوي وضروري للدولة العصرية، ونحن نتطلع إلى اليوم الذي تكون فيه أحزاب المعارضة الوطنية المنتمية، شريكاً في صنع قرارنا الوطني).
يؤكد جلالته بأن وجود الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب المعارضة الوطنية المنتمية أمر حيوي وضروري للدولة الأردنية وبنائها، وأن تساهم هذه الأحزاب كشريك في صنع القرار الوطني، وبالتأكيد فإن ذلك يكون عبر الوسائل القانونية، وفق أحكام الدستور والتشريعات ذات العلاقة.
وتكون الأحزاب السياسية شريكة في صنع القرار الوطني من خلال وصولها في الانتخاب إلى المجالس المختلفة، ومن ضمنها مجلس النواب الذي يمثل إحدى غرفتي السلطة التشريعية، وله دور تشريعي وآخر رقابي، وبالتالي فإنه يساهم في صنع القرار الوطني من خلال ممارسة دوره وفق أحكام الدستور والتشريعات النافذة، كذلك تستطيع الأحزاب الوصول إلى مجالس المحافظات والمجالس البلدية وأمانة عمان الكبرى، وتستطيع من خلال صلاحيات تلك المجالس المنصوص عليها في التشريعات التي تحكم عملها أن تكون شريكة في صنع القرار الوطني.
وبالإضافة إلى ما تقدم تستطيع الأحزاب السياسية الأردنية بالرغم من عدم وصولها للمجالس المختلفة أن تؤثر في الرأي العام بالوسائل السلمية التي تجيزها التشريعات النافذة، حيث اشترط قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 أن تعمل الأحزاب بطرق سلمية ديمقراطية، فتنص المادة (3) من القانون على ما يلي: ( الحزب تنظيم سياسي وطني، يتألف من أردنيين تجمعهم قيم المواطنة وأهداف وبرامج ورؤى وأفكار مشتركة، ويهدف إلى المشاركة في الحياة السياسية والعمل العام بطرق سلمية ديمقراطية لغايات مشروعة ومن خلال خوض الانتخابات بأنواعها بما فيها الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقاً للمادة (35) من الدستور).
ومن هذا النص يتبين كذلك بأن الأحزاب السياسية تستطيع تشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقاً للمادة (35) من الدستور والتي تنص على ما يلي: (الملك يعين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناءً على تنسيب رئيس الوزراء).
رابعاً: أن تنشأ الأحزاب السياسية من خلال قواعد شعبية وليس من خلال أشخاص تجمعهم مصالح آنية.
يقول جلالة الملك في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الرابع عشر بتاريخ 1/12/2003: (أن تنشأ الأحزاب السياسية وتنطلق عبر قواعد شعبية، وليس من خلال أشخاص أو فئات جمعتهم المصالح الآنية، لتكتسب أحزابنا، المصداقية، والقدرة على إحداث التغيير المنشود).
ويضيف جلالته في الورقة النقاشية الثالثة "أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة" بتاريخ 2/3/2013: (إنني أشجع جميع أبناء وبنات الوطن على المشاركة في بناء نمط جديد من الأحزاب البرامجية الممثلة والقائمة على قواعد شعبية واسعة).
ويقول جلالة الملك في ذات الورقة: (إن التركيز يجب أن يوجه في المرحلة القادمة نحو تطوير وتحفيز الأحزاب ذات البرامج والقواعد الشعبية على مستوى الوطن، بحيث يتوجه الناخبون للتصويت على أسس حزبية وبرامجية وهذا الأمر يفرض على الأحزاب الأردنية تحديات ومسؤوليات جوهرية).
مما تقدم فإن جلالة الملك يؤكد على ضرورة أن تنطلق الأحزاب عبر قواعد شعبية أردنية غير محددة بفئة معينة أو من خلال أشخاص تربطهم مصلحة آنية خاصة بهم، فإذا كان الأمر كذلك أي وجود مصلحة آنية تجمع هذه الفئة أو الأشخاص فإن الحزب يفقد مصداقيته وقدرته على إحداث التغيير المنشود.
خامساً: أن تلتزم الأحزاب بالعمل الجماعي
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الثالثة "أدوار تنتظرنا لنحاج ديمقراطيتنا المتجددة" بتاريخ 2/3/2013: (على الأحزاب الالتزام بالعمل الجماعي والتقيد بالمبادئ المشتركة، وتبني السياسات ذات الأولوية، وأشجع هنا جميع الأحزاب، والمجموعات النيابية والأفراد المستقلين في مجلس النواب الحالي على العمل سوية، ومحاولة التجمع على أساس مبادئهم المشتركة والسياسيات التي تتصدر أولوياتهم).
سادساً: أن تستلهم الأحزاب السياسية روح الدستور وتلتزم بالقوانين النافذة.
يقول جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في كتاب التكليف السامي الأول لدولة السيد علي أبو الراغب بتاريخ 19حزيران/2000: (وعلى ذلك فإننا نؤيد تشكيل الأحزاب الوطنية والانضمام إليها، ما دامت هذه الأحزاب تستلهم روح الدستور وتلتزم بالقوانين المنبثقة عنه).
يؤكد جلالة الملك على ضرورة أن تستلهم الأحزاب روح الدستور وتلتزم بأحكامه وأحكام القوانين النافذة، وبالتالي فإن الأحزاب السياسية ملزمة بأحكام الدستور الذي يبين في الفصل الأول "الدولة ونظام الحكم فيها"، فالمملكة الأردنية الهاشمية وفق المادة الأولى من الدستور دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي، ويبين في الفصل الثاني حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم، ويبين في الفصل الثالث الأحكام العامة للسلطات، وفي الفصل الرابع السلطة التنفيذية، وفي الفصل الخامس المحكمة الدستورية، وفي الفصل السادس السلطة التشريعية، وفي الفصل السابع السلطة القضائية، وفي الفصل الثامن الشؤون المالية، وفي الفصل التاسع مواد عامة.
وتلتزم الأحزاب السياسية بالقوانين المعمول بها في المملكة سواء المتعلقة بتنظيم عمل الأحزاب "قانون الأحزاب السياسية"، أو أي قوانين أخرى نافذة في المملكة.
وقد نصت المادة (15/ أ) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 على أن يلتزم الحزب في ممارسة أنشطته بأحكام الدستور واحترام سيادة القانون.
وأبين بأنه لا يقتصر الأمر على القوانين، بل يمتد ليشمل كافة مصادر القاعدة القانونية بما في ذلك الأنظمة المعمول بها في المملكة.
سابعاً: أن تلتزم الأحزاب السياسية بالتنافس العادل والشريف
يقول جلالة الملك في الورقة النقاشية الأولى "مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة" بتاريخ 29/12/2012: (إنني أؤمن بأن رؤية المواطنين للعملية السياسية، سواء أكانوا يمثلون حزباً سياسياً أو فئة اجتماعية محددة، تقوم على اعتبارها فرصة للتنافس العادل والشريف من أجل الوصول إلى أفضل الأفكار والحلول. فلا يمكن لفئة بمفردها تحقيق جميع الأهداف التي تسعى إليها، بل يجب التوصل إلى تفاهمات تتبنى حلولاً وسطا وتحقق مصالح الأردنيين جميعاً، فالامتحان الحقيقي والحاسم لمساعينا الديمقراطية يكمن في قدرتنا على النجاح كأسرة واحدة في مواجهة التحديات.
ثامناً: تقديم المصلحة العامة على المنفعة الذاتية
يقول جلالته في مقابلة صحفية مع صحيفة الرأي العدد "18819" تاريخ 24 تموز 2022: (الجاهزية الحزبية عملية تراكمية شاقة تتطلب تقديم المصلحة العامة على المنفعة الذاتية والبرامج الواقعية على الطموحات الشخصية).