منذ إنشائه، نجح صندوق الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة في تحقيق إنجازات لا يستهان بها، مستفيداً من موارده بشكل فعّال لتحقيق نقلة نوعية في مجال الطاقة في الأردن، فهذه الإنجازات ليست مجرد أرقام، بل هي نتائج ملموسة تظهر في جميع أرجاء المملكة.
وهل نحن ندرك حجم الإنجاز حين نقول إن 1.6 مليون مواطن استفادوا بشكل مباشر من برامج الصندوق؟ فهذا الرقم يعكس تأثيراً عميقاً على حياة المواطنين في جميع محافظات المملكة، لكن، هل نعرف ما الذي تعنيه هذه الأرقام في الواقع؟ وهل ندرك كيف أثرت هذه البرامج في حياة هؤلاء المواطنين؟ أحد أبرز الإنجازات هو قيمة مشاريع الصندوق المنفذة من خلال القطاع الخاص، التي بلغت 100 مليون دينار، فهذا المبلغ تم استثماره من قبل شركات ومؤسسات أردنية في مختلف القطاعات، ما يعني أن الاقتصاد المحلي هو المستفيد الأكبر.
من جهة أخرى، تم دعم تركيب 30 ألف سخان شمسي مدعوم بمنحة نقدية للمنازل في جميع محافظات المملكة، بالإضافة إلى 4 آلاف سخان شمسي مدعوم بمنحة كاملة لمنازل الأسر العفيفة ومنازل المكرمة الملكية، فهذا الدعم لا يعكس فقط التزام الصندوق بالمسؤولية الاجتماعية، بل يُظهر أيضاً كيف يمكن للطاقة المتجددة أن تكون حلاً عملياً ومستداماً لتخفيف عبء الفواتير على الأسر الأردنية.
ولم تتوقف جهود الصندوق عند هذا الحد، بل شملت دور العبادة أيضاً، حيث استفاد 650 مسجدا وكنيسة من برنامج دعم تركيب أنظمة الخلايا الشمسية.
وفي القطاع السياحي، تم تحقيق توفير بنسبة 60 % في فاتورة الطاقة للفنادق المشاركة بالبرنامج، أليست هذه الأرقام بمثابة دافع لنا جميعاً لمزيد من الالتزام بالطاقة المتجددة؟ وعلى صعيد التعليم، استفادت 157 مدرسة من مشروع المبادرة الملكية لتدفئة المدارس، حيث تم تركيب أنظمة خلايا شمسية وسخانات شمسية ومكيفات للتدفئة والتبريد، فضلاً عن الإنارة الموفرة وصيانة عامة تشمل العزل التام وأنظمة التحكم، فهذا المشروع لا يسهم فقط في توفير بيئة تعليمية ملائمة، بل يُظهر كيف يمكن للطاقة المتجددة أن تُستخدم لتحسين جودة التعليم.
وللبلديات نصيب كبير من هذه الإنجازات، حيث استفادت 100 بلدية من مشروع دعم تركيب أنظمة الخلايا الشمسية بكلفة 4 ملايين دينار أردني، مما ساعدها على تحقيق وفر مالي وتقليل كلفها التشغيلية، وانعكس على تحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين، فهل نفكر في كيف يمكن لهذا النموذج أن يُطبق في قطاعات أخرى لتحقيق نفس الفوائد؟ وفي القطاع الزراعي، استفادت 300 مزرعة من دعم أنظمة خلايا شمسية، مما ساهم في خفض تكاليف الإنتاج الزراعي وتحسين جودته، أما في القطاع الصناعي، فقد شارك 80 مصنعاً في برنامج ترشيد الطاقة، ما أدى إلى تخفيف الكلف الإنتاجية ورفع القدرة التنافسية محلياً وعالمياً.
وحتى المراكز الصحية ومراكز الإيواء لم تكن بمنأى عن هذه الجهود، حيث استفاد 18 مركزاً صحياً و20 مركز إيواء من تركيب أنظمة خلايا شمسية، مما ساهم في توسيع نطاق خدماتها. ومن زاوية أخرى، استطاع برنامج الصندوق توفير أكثر من 3000 فرصة عمل دائمة، وتم تدريب 350 مهندساً ومهندسة، ومنحهم شهادات دولية، مما يعزز من سوق العمل المحلي، ويرفع من مستوى الكفاءة الفنية، كما أن التعاون مع 250 جمعية ومؤسسة مجتمع محلياً يعكس التزام الصندوق بالعمل المشترك لتحقيق التنمية المستدامة.
وللتأكيد، فإن لم تكن إنجازات الصندوق محصورة فقط في الداخل، بل نجح في ربط الأردن بشبكة علاقات دولية حول أنشطة الاستدامة والتغيرات المناخية، وحصل على جوائز دولية عالية التقدير. وفي النهاية، لا يمكننا إلا أن نشيد بالدور الحيوي الذي يلعبه صندوق الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة في إحداث أثر بيئي، اقتصادي، واجتماعي مباشر على جميع القطاعات، أليس هذا هو النموذج الذي نطمح إليه لتحقيق مستقبل أكثر استدامة؟
الغد