الاستقلال والتميز
المهندس عبدالفتاح الدرادكة
19-05-2024 03:18 PM
لا يخفى على احد ان ماتحقق في الدولة الاردنية منذ الاستقلال لم يتحقق في كثير من دول المنطقة من حيث بناء الركائز الاساسية للدولة من تعليم وتطوير اداري وثقافي وتجاري وصناعي وحتى في المجال العسكري فالتعليم والثقافة والادارة والمشاريع الاقتصادية من خلال خطط التنمية الثلاثية والسباعية والعشرية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وضعوا الاردن في مقدمة دول المنطقة وكانوا عناوين لتسويق الاردن في بعض الدول العربية والخليج العربي منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي وحتى الان على الرغم من قلة الامكانيات ومحدودية الموارد كما هو الحال في معظم دول الاقليم.
واعتقد ان الاجيال التي هي الان في الاربعينيات من العمر واكثر تتذكر صناعة السجاير الاردنية مثل الكمال والريم والجولدسنار والفيلادلفيا حيث انها كانت الافضل في المنطقة وكان الاقبال عليها داخل وخارج الاردن عاليا بحيث انها كانت تنافس الصناعات الاوروبية وتتفوق عليها في كثير من الا حيان وكذلك الاقمشة الاردنية والصناعات الخفيفة التي كانت بحكم الامكانيات المتوفرة مثل الصآبون والمنظفات والاغذية وغيرها كل ذلك مثل في حينه الإرادة الاردنية ، ولو ان الامكانيات والموارد الذاتية كانت بالاظافة للظروف السياسية المحيطة تسمح لكان هناك قول اخر في رفد الاقتصاد الوطني بالمقومات التي كانت ستجعله اقتصادا قويا متعافيا خاليا من المديونية وغير بعيدا عن التجارب والاقتصادات الجنوب شرق اسيوية.
مازال الاردن لديه الكثير لزيادة التميز والحفاظ على المكتسبات فالموارد البشرية المتميزة موجودة في مختلف القطاعات وما ادل على ذلك من الشركات الأردنية في المجالات الالكترونية وانظمة المعلومات والمجالات الطبية والهندسية والمصرفية والتي لها افرع في العالم وفي الشرق الاوسط والمثير للدهشة ان بعض الصناعات الخفيفة كالقهوة والحلويات والمكسرات وغيرها وعلى الرغم من ان موادها الاولية ليست اردنية فقد تميزت صناعتها واصبحت من العلامات الاردنية التجارية الفارقة داخليا وخارجيا ، فزائر الاردن عندما يغادر بالتأكيد فإن الحلويات والقهوة والمكسرات وزيت الزيتون قد تكون اهم المنتجات التي يحملها معه اذا كان الشحن الجوي او البري يسمح بذالك.
وفي مجالات الطاقة وكوني احد الذين شاركوا في بناء النظام الكهربائي فإن شهادتي حقيقية ولا مجاملة فيها على حقيقة تميز الاردن بوصوله الى مستوى الثلث تقريبا من موارد الطاقة لتوليد الكهرباء لتكون من الطاقات المتجددة وهذه النسبة لم يسبق الاردن اي بلد في المنطقة وكذالك وعلى الرغم من ان الاردن ليس بلدا نفطيا فقد وصلت نسبة التغطية الكهربائية في مختلف انحاء المملكة الى 100% وكذلك فإن استطاعة النظام الكهربائي تغطي وتواجه الحمل الكهربائي باريحية وهناك استطاعة كهربائية لتزويد دول الجوار في بعض الاوقات و الفصول في السنة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار فروق التوقيت لاحمال الذروة في دول المنطقة في الوقت الذي يلاحظ فيه ان هناك عجزا في كثير من الأنظمة الكهربائية في دول المنطفة بدليل وجود انقطاعات طويلة في التزويد بالتيار الكهربائي.
وكذلك جاء بناء ميناء الشيخ صباح السالم وبمنحة كويتية لتوفير الغاز السائل لتلبية احتياجات النظام الكهربائي ليخفف من معاناة الاردن في توفير الوقود اللازم لتوليد الكهرباء والذي وفر على الخزينة في سنوات 2015-2019 ما يزيد على المليار دينار وجعل هناك تنوعا في توفير مصادر الطاقة والذي يمثل متطلبا من متطلبات استراتيجية الطاقة ، والجدير بالاهتمام ان بناء مينا الغاز المسال اثار اهتما الكثير من الدول في المنطقة التي ابدت اعجابها بهذه الخطوة واطلعت واستفادت من التجربة الأردنية في هذا المجال.
المطلوب وكما اشارة رؤية التحديث الاقتصادي الى العمل الجاد للحفاظ على المكتسبات والاستفادة من النجاحات الاقتصادية الموجودة في القطاعين العام والخاص وتعظيمها وتبنيها ضمن سياسة اقتصادية تدعمها وتزيل العراقيل من أمامها وتؤدي الى شراكة حقيقية بين القطاعين يكون من نتيجتها استمرار التميز والريادة لأردننا تحت ظل الراية الهاشمية
والله من وراء القصد