حزب الطواريء .. والبيانات الطارئة
د.حسين الخزاعي
05-08-2007 03:00 AM
بيانات طارئة ، دعوات طارئة ، اجتماعات طارئة ، مؤتمرات صحفية طارئة ، اخبار طارئة ، مشاركات طارئة ، سفرات طارئة ، انسحابات طارئة ، رفع ايادي في البرلمان طارئة ، تأييدات طارئة ، معارضات طارئة ، مخاطبات طارئة ، تقلبات طارئة . اسوق هذه المقدمة الطارئة لوصف حالة الطواريء الدربكة والتخبط والقرارات الطارئة التي تتخذها جبهة العمل الاسلامي ويلاحظها كل مواطن في هذا البلد ، فجبهة العمل الاسلامي تستحق وبأمتياز ان نطلق عيها حزب الطواريء لكثرة الطبخات التي تطبخ بشكل طاريء وتعلن للمواطن بشكل طاريء.
تقول الاخبار والبيانات الطارئة أن المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الاسلامي قرر دعوة مجلس الشورى فيه لإجتماع طارئ يوم امس السبت 4/8/2007 لتدارس ما جرى في الانتخابات" البلدية " المزورة " حسب بيانهم ، كما قرر دعوة إدارات فروع الحزب الـ (24) ولجان الانتخاب الفرعية في هذه الفروع لحضور هذا الاجتماع ، جاء ذلك بعد اجتماع طارئ عقده المكتب اتخذ فيه جملة من القرارات بخصوص ما جرى من "تزوير واسع النطاق لإرادة الشعب الاردني" حسب بيانهم . ومحاولة الحكومة "إلغاء إرادة الشعب" من خلال "تزوير الانتخابات"
ولأن اجتماع المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الاسلامي كان طارئاً والقرارات طارئة خرج علينا امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ زكي بني ارشيد بكلاما طارئا قائلاً " ان هناك مطالبات مكثفة باعادة النظر في الانتخابات النيابية التي ستعقد في تشرين الثاني المقبل ، وربط المطالبون بإعادة النظر في الانتخابات في الضمانات التي يمكن ان يحصل عليها من الحكومة " . ولعلي اذكر اصحاب القرار والشورى في جبهة العمل الاسلامي الذين يهمهم الامر بالحقائق التالية :
1 - بخصوص الانتخابات البلدية التي شارك في كافة مراحلها حوالي مليوني مواطن اردني فهؤلاء هم من يقول عنها مزوره وليست بيانات حزب منسحب ؟ الشعب قال كلمته لا لتجار الشعارات ولا للمزاودين على الشرفاء في هذه الوطن ، الشعب الذي سجل للمشاركة في الانتخابات البلدية ما يقارب المليوني ناخب ، ذهب وانتخب وشارك بمحض ارادته وفي بعض المناطق وصلت نسبة الاقتراع 95% ، وهل هذه الاعداد التي سجلت للمشاركة وانتخبت مرشحيها كانت تنتظر الأوامر والتعليمات الطارئة للمشاركة او الانسحاب من الانتخابات .
2 - سأكون في قمة الشفافية والوضوح والحيادية واقول ان ما جرى هو رد فعل من الشارع الأردني تجاه جبهة العمل الاسلامي ومواقفها المتناقضة والطارئة ، والشعب لن ولم ينس الضربة الموجعة والخنجر الذي دس في خاصرته من قبل بعض نواب جبهة العمل الاسلامي عندما قام نواب جبهة العمل الاسلامي المعروفين للجميع بزيارة بيت عزاء الزرقاوي وترحموا عليه ودعو له بأن يكون مثواه الجنه ، هل نسي قادة جبهة العمل الاسلامي مسيرة المليوني مواطن اردني في عمان " صغارا وكبارا ، رجالا ونساءا ، شباب وشيب ، مرضى واصحاء ، مليوني مواطن شريف بعضهم جاء راجلا من مناطق بعيدة جدا في الأردن ، مليوني مواطن من كل قرية ومدينة وحي وشارع ، جاءوا لإيصال كلمتهم الى كل من يهمه الامر " الأردن اولاً قولاً وفعلاً " وامن وسيادة واستقرار وملك الأردن نفديه بأرواحنا ، وشهدائنا لهم الجنة ، ومجرمي التفجيرات لهم الخزي والنار والعار ، لن نترحم عليهم بل سنرجمهم لأن اليد التي تطاولت على ابناء الأردن وفي فرحهم ستكسر . هؤلاء المليوني مواطن جاء اليوم الذي قالوا فيه كلمتهم في الانتخابات البلدية ، لا لتجار المواقف والشعارات ، ولعل الزرقاء التي انتخبت ووقفت في عام 1993 في الانتخابات البلدية مع مرشحي جبهة العمل الاسلامي والكل يعرف ذلك ، قالت في عام 2007 هذا هو الرد الواضح والصريح من الشعب . وها هو مرشح بلدية الزرقاء يحصل على اعلى عدد اصوات في الأردن .
3 –هل نسي امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ زكي بني ارشيد والذي بالمناسبة اكن له كل الخير والاحترام بالرغم من عدم اللقاء به او معرفته المسبقة ، هل نسي بأنه يتطاول كثيرا وكثيرا على الأردن وعلى سياسته الداخلية والخارجية والاعلامية ، واصبح الشيخ الفاضل يهدد بالشكاوي الى نقابة الصحفيين على الصحف اذا لم تزوده بمصادر المعلومات التي تنشر عن الحزب ،هل امين حزب يمارس الدكتاتورية والفوقية بهذه الطريقة ، ولعلنا لا نمحي من الذاكرة مباركة جبهة العمل الاسلامي حبس الصحفيين وتكسير كاميراتهم كما حصل مع نواب جبهة العمل الاسلامي بتاريخ 1/3/2007 عندما صوت نواب الجبهة مع المصوتين على قانون المطبوعات والنشر وعاد بعد ذلك نوابهم عن موقفهم ، واصبح الشيخ يضع شروطه للحديث مع بعض الصحف بأستقالة رئيس تحريرها . منذ متى كان امين عام جبهة العمل الاسلامي يتصرف بهذه الطريقة ، اين مبدأ الشورى والحوار والرأي الآخر ، ولعلي احمد الله كثيرا ان فضيلة الشيخ ليس وزيرا في الحكومة " لكان شفنا البلاوي " ، ولعلي سأذكر مثال واحدا من عدد كبير من الامثلة الموجودة في مذخوري . كتبت في " عمون " مقالا ناريا عن احدى قضايا الفساد ، وطلب رئيس الوزراء من احد الوزراء المهمين في الحكومة متابعة الموضوع معي ، وقابلت الوزير وجلسنا لمدة ساعة كاملة في رئاسة الوزراء وتحدثنا عن الموضوع ، وبعدها بأسبوع اتصل معي الوزير للحديث في جانب اخر من الموضوع ، ولم يطلب مني الوزير او رئيس الوزراء مصدر معلوماتي ، ولم اجد منهم الى سعة الصدر والمحبة والشكر ، واصدر رئيس الوزراء للجهات المعنية في الحكومة تعليماته للمتابعة . كيف لو كان بني ارشيد وزيرا في الحكومة كم صحيفة سيغلق؟ وكم قلم سيكسر ؟ وكم فكر سيصادر ؟ وكم بيان طاريء سيصدر؟ .
4 – ولعل الضربة الموجعة والصدمة الكبيرة التي استقبلها الشارع الأردني وبعد مرور اكثر من 60 عاما على تأسيس جماعة الاخوان المسلمين في الاردن ، والشعارات النارية التي كانت تطلقها ضد الولايات المتحدة الامريكية ، الصدمة كانت في شهر ايار الماضي عندما كشفت الصحافة الاردنية الاتصالات واللقاءات التي اجراها فضيلة الشيخ زكي بني ارشيد مع المنظمات الامريكية " المعهد الديمقراطي الامريكي" والتي ترأسه المجرمه مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة ، والتي كانت تصفق جهارا نهارا لقادة الحرب في الكيان الصهيوني عندما كانوا يقتلون طفلا عراقيا او فلسطينيا او يهدمون منزلا فوق ساكنية ، والغريب العجيب ان هذه الاتصالات كانت سرية ، وفي الاتجاه الآخر كان الحزب يدير ماكينة الدعاية والاعلام والخطابات التثويرية ضد الامريكان ، وعرف عن الحزب رفضه المطلق الجلوس مع الامريكان ، والمؤلم في مقابلة الشيخ زكي بني ارشيد مع صحيفة الحقيقة الدولية تاريخ 30/5 / 2007 أنه لم يبد اي تحفظ او رفض على لقاء اولبرايت ،وانه على استعداد لتسليم كوادر حزب جبهة العمل الاسلامي الى المعهد لجمهوري الامريكي لتدريبهم على فنون الانتخابات ، والمحزن كله ان هذه الاتصالات كانت تتم والشيخ بني ارشيد كان يقوم بهجوم مكثف على الحكومة ورئيسها الدكتور معروف البخيت واتهام الحكومه بأنها تنفذ تعليمات السفير الامريكي في عمان . ما هذا يا شيخنا الفاضل التناقض والازدواجية والشيزوفرينيا السياسية التي تضع نفسك بها .
5- كان الانسحاب من الانتخابات البلدية في يوم الاقتراع وتحديدا الساعة الواحدة ظهرا اي قبل اربع ساعات من وقف الاقتراع ، وكما هو معروف بأن الزخم التصويتي والاندفاع للمشاركة في الانتخابات يكون في الساعات الأولى من بدء الاقتراع ، وفي بعض المناطق تحسم النتائج مبكرا ، واذا جاء هذا القرار بالانسحاب بعد (6) ساعات من المشاركة الفعالة ، واذا كانت حملات التشكيك قبل شهرين قد انطلقت من جبهة العمل الاسلامي ، فالسؤال المطروح لماذا الاعلانات والدعايات والنفقات على مصاريف الحملات الانتخابية ، ومن يدفع ثمن هذه الاعلانات ؟ ومن اين تأتي هذه الاموال ؟ ولماذا لا يتم انفاقها في مجالات اخرى ؟ وهل المشايخ الذين ظهرت صورهم في الاعلانات الملونة وهم مبتسمين هل تم استشاراتهم بالانسحاب ام لا ؟ . ام ان الجميع محكومين بالالتزام بقرار الجبهة بالانسحاب او المشاركة ، وان الذي يناقش او يعارض سيكون مصيره الفصل من الجماعة ، ولعلنا نتذكر انه بتاريخ ( 4/6/2003 ) أطلقت جماعة الإخوان المسلمين حملتها الانتخابية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية بالصحف اليومية تحت عناوين وشعارات ديمقراطية جذابة وبراقة ( نعم وإلى الأبد ، الإسلام هو الحل ، والحكومة جزء منه ، والحرية من فرائضه ) . ويا للأسف في نفس اليوم أعلن المكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي آنذاك قرارات فصل خمسة من كبار أعضائه يتقدمهم الشيخ الجليل عبد المنعم أبو زنط ، والشيخ محمد أبو دولة ، الشيخ محمد سليم المومني ، الشيخ راجح سلهب ، الشيخ صالح مطيع الشيشاني . لممارستهم حقهم الديمقراطي واتهامهم بالخروج عن إجماع الجماعة وترشحهم للانتخابات بالصفة الشخصية ، وهذا السلوك لم يقم به إي حزب سياسي في تاريخ الأردن ، وهذا التناقض الواضح للحزب يدفعنا للسؤال من جديد أين الحرية التي هي من فرائضة ؟ والشورى ؟ والحزب تفاخر وعلى الصفحات الأولى في الصحافة المحلية بنشر قرارات الفصل.
6 – ولعلي من باب التذكير اقول ان الانتخابات النيابية التي جرت في عام 1989 وشاركت بها جبهة العمل الاسلامي وكانت على القانون الانتخابي القديم( القائمة ) حصدت 9 % فقط من اصوات الناخبين بالرغم من التحالفات الكبيرة التي جرت في تلك الانتخابات واستخدام كافة وسائل الدعاية والاعلام والخطابة والمنابر والظروف الاقتصادية التي مر بها الاردن في ذلك الوقت ، هذا هو حالهم وواقعهم في الشارع الأردني .
7 – تعلمنا في ابجديات الكتب والمراجع والموسوعات بمختلف تخصصاتها ان مضمون الكلام يدل على سيكولوجية صاحبة ، وهذا ينطبق ايضاً في العرف الاعلامي فمحتوى المقال او النص يدل على شخصية كاتب المقال ، ولعلي اتوقف عند مقال الشيخ زكي بني ارشيد في جريدة الغد في العدد 896 بتاريخ 24/1/2007 بعنوان السياسة الخارجية غيبوبة ام سبات ، والذي يبدأ مقاله بالبؤس قائلا : " اي بؤس هذا الذي وصلت اليه سياستنا الخارجية..... " ويكمل المقال بوصف غريب عجيب لغياب الدور الأردني في فلسطين ولبنان والاردن ... اقول ناصحاً لفضيلة الشيخ زكي بني ارشيد اذا كان هو بائسا ويبدأ مقالاته بالبؤس فلا ينقل افكاره الباسئة لنا ويفرض بؤسه علينا ، لأننا بالمفتوح نقولها وبالبنط العريض لسنا بائسين ، والاحصاءات الدولية المحايدة تقول ان الشباب الأردنيين يرون في الأردن مستقبل مشرق ، واننا متفائلين بتقدم وتتطور الاردن الذي يوضع على خارطة العالم شريكا لا تابعا ، ولأن سياستنا الخارجية توصف من قبل جهابذة ومحترفي الساسة في العالم بأنها صوت الحكمه في الشرق الأوسط ، ولعلي اذكر بدور جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله في خدمة القضايا العربية والاسلامية والدولية ، ومن باب المثل لا الحصر ، اذكرك يا فضيلة الشيخ بني ارشيد بخطاب الملك التاريخي امام الكونجرس الأمريكي بتاريخ 7 آذار 2007 والكلام الملئان الذي اسمعه جلالته للعالم والمتعلق بالقضية الفلسطينية ، اما في العراق فلعلي اذكر عندما لم يسمع الزعماء العرب نصائح جلالة الملك عبد الله الثاني ضاعت العراق ، اما بعد احتلالها ووقوع الرئيس العراقي السابق صدام حسين في الاسر ، انطلقت تصريحات الملك عبد الله الثاني بن الحسين بتاريخ 15/7/2004 وعبر الصحافة الامريكية بالمطالبة بمحاكمة الرئيس العراقي صدام حسين محاكمة عادلة ، من تجرأ بمثل هذا الطلب ؟ اما لبنان ولعل الجميع يذكر ان مدينة بيروت العزيزة وهي تحت القصف كانت طائراتنا تهبط في مطار بيروت والمستشفى الاردني يبنى والمساعدات تنقل ، ولعل فضيلة الشيخ حسن نصر الله صرح شاكرا قائلا " لا انس ان اول طائرة حطت في مطار بيروت كانت من الأردن " ، اي افلاس سياسي وصل اليه الامين بين ارشيد وإلى اي منعطف سيوصل حزب جبهة العمل الاسلامي . اي بؤس وجحد وانكار هذا الذي نراه ونسمعه ونتابعه .
اخر الكلام ... استجابة لرغبة الكثيرين من القراء والمتابعين الذين طلبوا مني عبر الرسائل الالكترونية " الايميلات " المزيد من الكتابة حول هذا الموضوع ومنهم من كتب بأسمائهم الصريحة ، وبعظهم يعانون من الحساسية المفرطة في ذكر اسمائهم كتبوا بأسماء مستعارة ، وكانوا يعانوا من التعصب الهدام وكتبوا تعليقات تهجموا على شخصي لا على مضمون كتاباتي وهؤلاء السطحيون يا ليتهم يقرأون المضمون واتمنى لو واحد منهم فند كلامي وقال لي كلامك غير دقيق ونشر الكلام الدقيق ، اما الذين اتهموني بالتخندق في صف الحكومه ، فالحمد لله ان عدد الحكومات في الاردن لغاية تاريخه (89) حكومة ، والمسيرة مستمرة ، والعطاء في ازدياد . واننا نكتب لنرضي رب البشر لا لنرضي البشر .
Ohok_90@yahoo.com