البرلمان البريطاني والبرلمان الأردني!
د. عادل محمد القطاونة
19-05-2024 10:34 AM
بعد صدور الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات البرلمانية بتاريخ التاسع من سبتمبر من العام الجاري، تنبأ كثيرون أن هذه الانتخابات ستكون مختلفة عن السابقة، في أهدافها ونتائجها، بتأثيرها على المشهد السياسي وتحفيزها للجانب الديمقراطي!
أهمية الانتخابات البرلمانية المقبلة تكمن في أنها ستشكل تحدياً حقيقياً للأحزاب السياسية، في قدرتها على تقديم برامج انتخابية جديدة تلبي الطموح الشعبي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وفي خلق بيئة مناسبة للعمل البرلماني ليتمكن المجلس القادم من الوصول إلى تشريعات جديدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والقضائية والإدارية والمالية، وغيرها من المجالات التي تخدم مصالح الدولة، وعلى قدرة الأحزاب على تقديم نواب فاعلين بممارسة الدور الرقابي على الأداء الحكومي.
في المملكة المتحدة، يتكون مجلس العموم من 650 عضواً ينتخبهم المواطن بشكل مباشر كل خمس سنوات، يشكل رئيس الأغلبية الفائزة الحكومة، وبإمكان الأعضاء تقديم طلب سحب ثقة من الحكومة. يعمل المجلس بشكل أساسي على مناقشة وإقرار التشريعات ومراقبة العمل الحكومي، يتقدم المرشحين للانتخابات عن طريق قوائم حزبية، فيما يفضل البعض الترشح كمستقل؛ رئيس الوزراء هو رئيس الأغلبية الحزبية بالبرلمان وهو الذي يشكل الحكومة وهو مسؤول أمام مجلس العموم ويجب أن يحظى باستمرار بدعم المجلس له؛ يملك المجلس أن يمرر قانونا لسحب الثقة من رئيس الوزراء، وإذا سحبت الثقة منه يقدم إستقالته.
رئيس الحكومة ومعظم أعضاء الحكومة هم أعضاء بمجلس العموم، مهام النواب تمثيل جميع الناخبين، المساعدة على إصدار قوانين جديدة، التدقيق والتعليق على ما تقوم به الحكومة، ومناقشة القضايا الوطنية الهامة، طرح أسئلة على الوزراء حول القضايا الراهنة سواء في غرفة العموم أو داخل اللجان، مجلس العموم وحده هو المسؤول عن اتخاذ القرارات بشأن مشاريع القوانين المالية، مثل الضرائب الجديدة المقترحة. ويمكن لمجلس اللوردات النظر في مشاريع القوانين هذه ولكن لا يمكنه منعها أو تعديلها.
إكتسب مجلس العموم مزيداً من السلطات عام 1832، وقبل ذلك كان للمجلسين سلطات متساوية تقريباً، لكن قانون الإصلاح في ذلك العام قلص كثيراً من سلطات مجلس اللوردات لصالح مجلس العموم المنتخب. وفقاً للقانون يحق لأي بريطاني عمره 18 سنة فما فوق الترشح، لكن من غير المنتظر فوزه إذا لم يكن مدعوما من حزب سياسي، يدار مجلس العموم من قبل مجموعة من النواب الذين يشكلون "لجنة مجلس العموم"، توجد لجنة إدارية مشكلة من كبار المسؤولين في مجلس العموم.
اخيراً وليس آخراً، تجري الانتخابات النيابية المقبلة وفق قانونٍ انتخابي جديد، رفع عدد أعضاء مجلس النواب من 130 إلى 138، خصص منها 41 مقعدا للأحزاب. البرلمان القادم سيضم لأول مرة حصة لا تقل عن ثلث عدد الأعضاء لقوائم حزبية مباشرة. انتخابات العام 2024 ستحظى فيها الأحزاب السياسية بـ41 مقعدا، وفي الانتخابات التي تليها سيخصص للقوائم الحزبية نحو 50% من عدد المقاعد، وصولاً إلى حالة يكون فيها معظم التمثيل البرلماني منوطاً بالأحزاب السياسية، فهل ستنجح الأحزاب السياسية في تشكيل حكومة توافقية في المستقبل على غرار ما يحدث في المملكة المتحدة!