ألا يكفي التشريعات التي تقيد الإعلام الأردني وتمنع تدفق المعلومات وتحرم القارئ والمشاهد من معلومات يحق له أن يحصل عليها، لتصبح المصلحية هي السائدة في تعاطي الحكومة، التي كانت أعلنت "الدمقرطة والإصلاح" عنوانا لبرامجها، مع الإعلام.محطة الـ (atv) وكيفية التعاطي الحكومي معها شكلت نموذجا صارخا على ذلك، فبعد أن أعلنت المحطة، التي بلغت كلفة إنشائها زهاء 25 مليون دينار، إنطلاقتها قررت هيئة المرئي والمسموع التي يديرها بالوكالة مدير التلفزيون الأردني فيصل الشبول تعليق البث إلى إشعار آخر.
لم يفهم الأردنيون، الذين عانوا عقودا من رداءة الإعلام الموجه لهم، وتدني مستواه المهني، ماذا جرى؟ وانتظروا انطلاق المحطة التي وعدتهم بسقف يلبي احتياجاتهم وطموحاتهم، بعد أن عجز الإعلام الرسمي عن تحقيق هذه النتيجة.
الـ (atv)، وهي المحطة المستقلة الخاصة، شكل التعاطي الحكومي مثالا على المصلحية، فكيف يعلق مدير التلفزيون الأردني الحكومي بالأصالة، مدير هيئة المرئي والمسموع بالوكالة، البث لعدم "استكمال التراخيص اللازمة" علما أن المحطة أعلنت عن موعد انطلاقتها ووضعت دعاياتها في شوارع العاصمة وشاهد القاصي و الداني تردداتها.
وبالرغم من ذلك استكملت الـ (atv) إجراءاتها وقدمت كامل أوراقها وحتى الآن "لم ترد" هيئة المرئي والمسموع وبقيت ملتزمة الصمت، ما يعكس حالة من الشد العكسي للإعلام.
ماذا جرى؟ وكيف تتعامل الحكومة بهذه الطريقة مع الاستثمار في الإعلام، الذي يشكل عين المواطن، والناطق باسم حاله، وما يعاني من مشكلات كادت تخنقه، ليضع المسؤول أمام مسؤولياته، ويتكامل دوره مع دور السلطات الثلاث الأخرى، تشريعية، وقضائية، وتنفيذية.
دور الإعلام يتمثل في التركيز على نقاط الخلل من أجل إصلاحها، وذلك يتطلب مناخا تشريعيا قادرا على منع المصلحية، فلا مصلحة تعلو على مصلحة الوطن الذي لا يختلف الأردنيون على مفهومه.
فللإعلام دوره الرقابي، وعلى الحكومة واجبها، ومن حق الأردنيين أن يفهموا ماذا جرى ولماذا كانت صحوة المرئي والمسموع "المتأخرة"، وما هو انعكاس التصرف الحكومي مع الـ (atv) على صورة الأردن الحضارية، ونحن نسير على خطوات الإصلاح في شتى الميادين.