يتظاهر الناس في العالم العربي والإسلامي _ بالطبع في البلاد التي تسمح بذلك _ منذ ثمانية أشهر تعبيرا عن تضامنهم مع أهل فلسطين عامة وغزة خاصة واستنكارا لغطرسة الصهاينة وتضامن الغرب الاستعماري معهم. وقبل غزة كانوا يتظاهرون مرة للغلاء ومرة للنزاهة ومرة ضد التطبيع ومرة ضد البطالة ومرة للإصلاح السياسي، وهكذا باعتبار الناس اصحاب حقوق ودافعي ضرائب وما قامت الحكومات الا لخدمتهم.
من جهة المسؤولين فإنهم يتحدثون عن حب البلاد والعباد ولكنهم يتحدثون أيضا عن الممكن والامكانات والظروف السياسية الدولية وان مطالب الناس وان كانت حقا فلا يمكن تلبيتها بجرة قلم، فما كل ما يتمنى المرء يدركه.
وان الناس حين يطالبون ينظرون لمصالحهم الخاصة ولا يدرون عن الصعوبات التي تمر بها البلاد فلسنا وحدنا على هذه الأرض، ومصالح الدول تتعارض وقد تتوافق بنسب معينة.
جدل المواطن والمسؤول مستمر ولن يتوقف واذا صدقت النوايا يمكن الوصول إلى عناوين مشتركة ولا بأس بتقسيط المطالب، فالمهم النية والعمل لتذليل الصعاب.
وهناك قضايا لا تكلف اصلا مثل ترشيد الاستهلاك وتحديد هويتنا الاقتصادية والسير باتجاه المهن ونظافة الصناديق الانتخابية وتولية "القوي الأمين" وتنحية الفاسد والمشبوه واحتمال النقد البناء واعادة النظر في التعليم وجعل المساجد منارات هدى ودعوة واشعاع وتحول الإعلام من اعلام حكومة إلى اعلام وطن.
كل هذا ممكن دون تكاليف تذكر فلنكن صادقين في تقدير مهمة المسؤول المحترم النظيف الراغب ببناء البلد ولو بالتقسيط والمرحلية.