اظهر الحراك الطلابي المؤيد للقضية الفلسطينية و الذي جرى مؤخرا في العديد من الجامعات الأمريكية حجم الفجوة الواسعة بين المزاج الشعبي السائد في أوساط النخب المثقفة في بلاد العم سام المتعاطف الى حد بعيد مع كفاح شعبنا العربي في فلسطين من جهة و بين أصحاب رؤوس الأموال من ذوي النفوذ أصحاب المصالح المرتبطين بشكل ما أو بآخر بشبكة من العلاقات المعقدة و المتشعبة مع الكيان الصهيوني .
لقد اماطت صحيفة الواشنطن بوست الصادرة في الولايات المتحدة و ذات الانتشار الواسع اللثام عن حجم الاتصالات و الضغوط الهائلة التي مارسها بعض رجال الأعمال الأثرياء هناك من أجل تحريك قوات الأمن لقمع الاعتصامات و المسيرات المؤيدة للقضية الفلسطينية خاصةً في جامعة كولومبيا في ولاية نيويورك و هو الأمر الذي سلط الاضواء مرة أخرى على حجم النفوذ الذي يتمتع به اللوبي الصهيوني في امريكا .
نفوذ اللوبي الصهيوني و قدرته على التأثير المباشر في دوائر صنع القرار العليا في الولايات المتحدة الأمريكية ليس بالأمر الحديث العهد فهو معروف للقاصي و الداني لكنه يطرح التساؤلات عن مدى نجاح الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية في معقلها الرئيس عالميا على توفير فرص متساوية للتعبير عن الرأي بحرية و في ظروف موضوعية بعيدا عن سطوة رأس المال الملوث بالارتباطات المشبوهة مع الحركة الصهيونية .
قمع الحراك الطلابي الشعبي و اجهاضه بكافة الوسائل و السبل عبر استخدام قوات الأمن الموجهة بقرارات املتها مصالح انتخابية و اقتصادية للطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة لم يكن ليجري على هذا المنوال العنيف لولا تدخلات سافرة من قبل الكيان الصهيوني في عملية صناعة السياسة العامة في بلاد العم سام ، و هو تدخل أجنبي فاضح يستوجب مواجهته بحملة مكثفة مضادة في وسائل الإعلام الأمريكية من قبل الجهات الداعمة لنضال الشعب العربي الفلسطيني و حقوقه المشروعة العادلة عبر الاصوات و الأقلام الحرة المنصفة .
تمويل حملة مضادة للنفوذ الصهيوني في عموم أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية تقع على عاتق الأقطار العربية الغنية التي تملك استثمارات ضخمة هناك و القادرة إن أرادت على إحداث تغيير جذري ملموس في اتجاهات الرأي العام المحلي الأمريكي نحو القضية الفلسطينية بما يتناسب مع مركزيتها و قدسيتها في وجدان و ضمير كل انسان عربي حر شريف على طريق تحرير أرضنا السليبة من دنس الغاصبين .