بخطى ثقيلة جاء اخيرا ليتكلم عن غربته، غربة يعيشها قلبا وقالبا، بعيدا.. في اصقاع باردة وبيوت دافئة، ولكن بقلب متجمد يرتعد بردا وخوفا. هنا يخط القلم اعترافه بانه حزين وكله الم بل ولا رغبة له او قدرة لديه على الكتابة. ففي حالة كهذه، يعرفها الكثير منا، يخرج كل شيء حزينا، احرف تذرف دمعا وكلمات متأزمة ضائعة ضلت طريق الصواب، لا تشبع من جوع.
اعترف بان الغربة سكنتني بعد احداث لم اعهدها يوما في داخل الوطن، بل لم يساورني شعور يوما ان تكون هناك محاولات لخلق رياح فتنة تعصف بابناء جلدتي كما عصفت باخوة لنا في بلاد اخرى. لا اصدق ان الحديث في هذا المقام هو عن الاردن الحبيب، اصابع متوحشة تحاول زراعة اشجار من الشوك لتفرق بين ابناء وطن يجمعهم تاريخ وجغرافيا ودم...باختصار..يجمعهم كل شيء.
على مدى اسابيع، حاولت ان اشعل شموعا لاضاءة تلك الصورة، لكنها لا زالت معتمة ولا يبث فيها بعض الطمأنينة او بعض الدفء في زواياها الباردة الا الملاذ الآمن لدى المساحات الجميلة التي يبدع فيها كتابنا المثقفين والقراء من ابناء الاردن.
في تلك الصورة ارى قلوبنا تفرقت على امر جلل وتجمعت على الصغائر. اين هو المستقبل الذي كبر فينا حلما منذ الصغر؟ اين وحدتنا ونبذنا الفرقة؟! اعترف بان الاحرف معتمة وورائها حزن لا ينفع احدا ولا يضر سواي،، لكن بعض الراحة تحتل لغتي حين يأخذ القلق مساحة من الحرية يتمطى فيها على هذه الصفحات الخضراء واقول خضراء لإيماني بقوة الكلمة والاعلام وبقدرته على احداث فرق لا شك لدى ابناء وطني فمنهم اجداد واعمام ابنائي، ومنهم جدي وجدتي وعمي وعمتي، كل تلك العائلات التي امتدت وتمددت من الغرب الى الشرق لنصبح كلنا "اردن" توغل فينا المحبة في العمق.
قبل ان يعود القلم الى مخدعه، يطرح سؤالا نحفظ اجابة شقه الاول عن ظهر قلب..فهو يعرف ان ابن صهيون هو دائما المستفيد الاول من فرقتنا وافتراقنا عن بعضنا البعض وعن قضايانا تباعا،،،ولكن من يا ترى هو المستفيد الثاني؟؟؟
اعتذر هنا..سأؤثر الصمت على الحديث...واوجز...لكن للقلم مشهد اخير يحكيه...فهو يرى فسادا قد اينع وحان اجتثاثه...واصلاحا يناضل للبقاء على قيد الحياة...حتى يبقى وطننا زاهيا كما نريد..هو صراع اذا لا يسمح للتعايش السلمي بين المتضادين، فإما اصلاح شامل يسير بنا على خطى التقدم والرقي، وإما فساد يحيل الوطن الى ما يشبه الوجع الابدي.
سلامي يا اخوتي...وابناء عمومتي..ادام الله نعمة الامن والامان في قلوبنا اولا وفي وطننا "الاردن" ابدا.