الترقب العربي لقمة البحرين .. هل ستخرج بنتائج إيجابية في ضوء ما يحصل في غزة ؟
د. دانييلا القرعان
16-05-2024 12:10 PM
يأتي عقد القمة العربية العادية الـ 33 هذا العام عقب أخر قمة عربية طارئة عقدت في الرياض العام الفائت لبحث المستجدات على الساحة الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة، بالتالي، تعد القمة فرصة سانحة وفي وقتها لاستمرار التشاور بين القادة العرب حول الظروف الطارئة التي تعيشها المنطقة على صعيد القضية الفلسطينية بصفتها المحور الرئيس في هذا الاجتماع وأي اجتماع.
انعقاد القمة العربية تأتي "في ظرف استثنائي حرج، وتوقيت صعب، إذا نظرنا إلى حجم التحديات التي تواجه العالم العربي، ويأتي في مقدمتها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما آلت إليه الأوضاع الإنسانية المؤلمة في القطاع، ومعاناة الأهالي الأبرياء من عمليات القتل والجوع والحصار، وتدمير البنى التحتية، في ظل ازدواجية المعايير الدولية.
من البديهي أن يكون البند الأول في القمة هو استعراض نتائج القمة السابقة ومتابعة تنفيذ القرارات التي تمخضت عنها، وهنا تكمن أهمية هذه القمة، حيث سيتم فيها وعلى أعلى المستويات مناقشة الموضوعين الآتيين:
على ضوء القضية الفلسطينية مراجعة القرارات السابقة وقياس درجة تنفيذها، ثم تأكيد الموقف العربي الموحد من التطورات الجارية، إضافة، وهذا الأهم، وضع آليات عملية بهدف دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة، والشعب اللبناني في جنوب لبنان، ومواجهة مخطط التهجير مع تحديد معوقات إدخال المساعدات الإنسانية وتنشيط المفاوضات الثنائية، والدفع بالطرف الأمريكي والدولي خاصة للمزيد من الضغط على إسرائيل للموافقة على قرار وقف اطلاق نار دائم وليس مؤقت؛ لأن ذلك هو السبيل الوحيد الذي يقود الى إطلاق سراح المحتجزين والأسرى من الطرفين ومن ثم الانتقال الى بحث مستقبل القضية الفلسطينة برمتها بهدف تحقيق سلام عادل وشامل على أساس حل الدولتين، أما على ضوء باقي القضايا العربية، فسوف تدرس القمة وبجدية ملفتة إمكانيات خفض حالات التوتر والصراع في البؤر الساخنة الأخرى في بعض الدول العربية، سواء أكان ذلك في السودان واليمن وسوريا أو في ليبيا والعراق والصومال وغيرها. وعليه، يمكن حصر أسباب الترقب العربي لهذه القمة الاستثنائية بأنها تأتي وسط تطلعات الأمة العربية نحو بلورة مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك وإصدار قرارات تجسد هذه المرة وحدة الصف العربي في مواجهة اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، وبأنها تمثل محكاً للموقف العربي في مدى استغلاله للتغير الحاصل مؤخراً بالمواقف الدولية على مستوى الدول والمنظمات والشعوب وطلاب الجامعات في العالم، سواء على مستوى الإعتراف بالدولة الفلسطينية أو بحق الشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، فهذه معطيات إيجابية وعلى العرب استغلالها قبل فوات هذه الفرصة.
-لا أحد ينكر أن مجرد عقد القمة في العاصمة البحرينية المنامة بحد ذاته يعد بالنسبة لمملكة البحرين قيادةً وشعباً حدثاً تاريخياً استثنائياً في غاية الأهمية، فالمنطقة تشهد أزمات سياسية حادة على كل الجبهات الفلسطينية واللبنانية والسورية، إضافة الى استمرار الحرب الأهلية في السودان على وجه التحديد، وبهذه المناسبة، نشير في الاردن قيادة وحكومة وشعبا بتقدير وإعتزاز بالجهود الحثيثة المبذولة بشكل خاص من قبل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والقيادة البحرينية بشكل عام، في تعزيز العمل العربي المشترك في مختلف المجالات، والتأكيد على متن العلاقات الأردنية البحرينية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة ودورهم في تعزيز الاعمال العربية المشتركة، ودور المملكة البحرينية في الإعداد والتحضير لأعمال هذه القمة وتوفير التسهيلات والخدمات الضرورية كافة لإنجاحها.
الكل يعرف أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها المنامة أعمال قمة عربية، مما يكسب هذه القمة مزيداً من الخصوصية؛ لأنها ستثبت قدرة الدبلوماسية البحرينية المتوازنة في توطيد وتعزيز العلاقات العربية – العربية، وفي دعم مسيرة العمل العربي المشترك نحو تعزيز أمن واستقرار المنطقة. وعلى صعيد الدور البحريني على وجه الخصوص، فأنا لا أستبعد هنا أن تقود الدبلوماسية البحرينية مشروعاً عربياً يتم فيه تبني ما سبق وتقرر في إجتماع «السداسية العربية» التي وضعت خارطة طريق مقبولة تنهي به كافة الصراعات في المنطقة ويحقق الاستقرار لكل دول الإقليم، فهذه قررات عربية أصدرتها دول وازنة في المنطقة مثل الإمارات والسعودية وقطر ومصر وفلسطين والأردن، ويمكن للقمة أن تعيد التأكيد عليها برعاية ومتابعة حثيثة من جلالة ملك البحرين بصفته رئيس القمة العربية للفترة القادمة.
قمة البحرين هي رسالة سلام وتضامن، وطاقة أمل وتفاؤل للشعوب العربية، التي تنتظر قرارات ملموسة وناجزة، لتوحيد جهودنا المشتركة تحت مظلة العروبة، والتغلب على التحديات القائمة، ووقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية. ونأمل أن تعبر القمة عن استحقاق تاريخي، يمثل مرحلة جديدة في مسيرتنا الجامعة، ويلبي التطلعات المأمولة، حتى لا يفقد الشارع العربي إيمانه بفعالية آليات العمل الجماعي.