facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ثلاثية العرب و العُمر و الموت


فيصل سلايطة
15-05-2024 10:07 AM

في عالمنا العربي ،للاسف هنالك مفاتيح بيضاء و سوداء لكل مرحلة أو فئة، مفاتيح تُعقّد الحياة و تترجم تفاصيلها بشكل خاطئ، فمثلا قد يكون الموت عنوان فخرٍ و قد يكون الموت مدعاة للعار، و كأنّنا في هذه الحياة لن نموت جميعا، على أقل تقدير إلى الآن.. فالعِلم لا يعرف المستحيل!

نقلّب في صفحات الاخبار، فنجد كارثة حصلت في بلدٍ ما، فيفسّر البعض الموت والكارثة هذه بالعقاب الربّاني، فتحدث بعدها كارثة أفظع وقد تقع في مكان للصلاة، أو مكان مقدّس، فيكون العنوان العريض للحدث "تجربة و ابتلاء"، و كأنّ الحياة لا تسير إلا ضمن هذا المنوال، وأنّ الموت ليس جزءا اصيلا من تكوين الكائنات، وحتى وإن اختلفنا مع شخص اختلافا عميقا، الموت الذي يزوره ليس عقاب فهو سيزور الجميع ايضا!!

ومقارنة بين دول العالم المختلفة، ألسنا نحن العرب من نذوق الموت بكل بهاراتهِ، بالمرّ والحامض والمالح؟ أيمكن مقارنتنا نحن ابناء الشرق بعصفور يموت في سهول سويسرا بكل سلام و سكينة؟ ألا يمكن اعتبار الموت وفق ذات المنظور لعنة دائمة وجنازة لا نهاية لها تسير في عروقنا، نحن الذين يبدأ الشتاء في ديارنا بتضرّعٍ للسماء لرؤية الغيث، و نتهي الصيف بدعاءٍ علّه يرمي شيئا من البرد.

أمّا العُمر، فهذه حكاية أخرى وأقسى ترسّبت كالرماد في عقولنا، فالعمر عند بعض العرب، ترتبط اسهمهُ ببورصة الايمان، فمارس من الاخطاء ما تريد وأنت شاب، وتُبْ ولكن لا تعلن هذا، أما عندما تكبر، وتبدأ خطوط الزمان تظهر على محياك، فممنوع عليك الضحك، ويا لحظّك السيء لو شاهدتك تلك الفئة تسمع الموسيقى، ويا للكارثة لو تماديت برقصة تعبّر فيها عن حبّك للحياة .. فالعُمر عند البعض كإسم الأمْ، من مصائب الحياة.

لذلك قد يجمع المرء في شرقنا ثروة من ممارسة "الموبقات" في نظر تلك الفئة وقد تكون الموبقات بسيطة لكنها في نظر المجتمع كارثة، كالعمل في الموسيقى، أو التمثيل أو حتى الكتابة الجدلية، ويكون ذلك الشخص ذكيا إلى الحد الذي يعلن بعد الاكتفاء والتخمة "التوبة" فيتنعّم بمخرجات الموبقات ويُلبِس اسمه هالة من الايمان المزيّف .. ويلتف الناس حول اسمه ويلتف هو حول ماله.

في الدول الاخرى، خصوصا تلك الغربية والاسيوية، تبدأ الحياة بعد الستين، فيلبس " الشايب" الشورت !! يا للعيب، و يخرج كل صباح راكبا دراجته حول المدينة، كارثة ستقع لو رأي مجتمعنا رُكبةً منكمشة، فحتى تلك الرُكب الناصعة البياض تشتم عند كشفها، فكيف تلك التي طحنت ملح العُمر؟

يكتشف المرء في شرقنا البالي، ذلك الذي مشى على خارطة طريق التقاليد و العادات و المحظورات أنّه لم يعش ، أنهُ ذبِلَ لأجل البقاء ضمن القطيع ، و عندما يقرر أن يعيش بعد التقاعد...يَمُتْ...فكل جيل يُسلّم شعلة التحجّر لمن بعده ، كأننا في ماراثون للقسوة ، أو سباقٍ للخلف!

الاجيال القادمة يجب أن تثور على هذه المفاهيم ، فالموت هو الموت الذي سيزور كل الكائنات الحية ، و العمر ليس معيارا أو تقييما ، فلا شخص سيتحاسب عن الآخر بعد الموت ، و لا السنين ستُحمل على أكتاف غريبة!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :