في ذكرى النكبة .. تتجدد النكبات
فيصل تايه
15-05-2024 12:10 AM
تقرع أجراس الحزن مرة اخرى مذكرة الفلسطينين بالذكرى الأليمة الـ٧٦ للنكبة ، والتي ترسخت في وجدانهم وضمائرهم في ظل الكارثة الكُبرى والإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة منذ أكثر من "٢٢٠" يوماً ، وأمام عالم صمت خلال "النكبة الأولى" وتواطئ خلال "نكبة ثانية" جارية الآن ، لتبقى مأساتهم مستمرة في حفر أخاديد قهر عميقة على محياهم ، ومساحة الحلم باستعادة الحقوق وعودة اللاجئين وانهاء الصراع "تتراجع وتصغر" أمام حقائق الواقع المتردي داخليا والمنهار عربيا والغير مهتم دوليا واستغلال ذلك من قوى البطش الاسرائيلي بالقتل والتنكيل اليومي .
ان ذكرى "النكبة" تعتبر واحدة من أكثر الفصول ألماً في تاريخ فلسطين والمنطقة ، والتي لا تزال حاضرة في ذاكرة الناجين من النكبة ، الذين يتذكرون بيوتهم وأراضيهم التي فقدوها ، في حين ان الكثير منهم لم تتكحل أعينهم برؤية وطنهم مرة أخرى قبل أن يغادروا هذا العالم ، فقد مرت أكثر من سبعة عقود ، وما تزال قصص التهجير تثير آلام الذاكرة لدى من عاشوا "النكبة الأولى" ، وتلقي بظلالها المؤلمة على من يواجهون اليوم شبح "نكبة جديدة" ، حيث تعتبر الروابط بين الماضي والحاضر متشابكة ومعقدة وعميقة .
اليوم ، ومع إفرازات العدوان الوحشي الهمجي الجاري على قطاع غزة منذ أكثر من اكثر من سبعة أشهر ، فان معركة السرديات يحب ان تظهر حقيقة أحداث حرب "عام ١٩٤٨" ، وتفاصيل ما جرى وأدى لنكبة الشعب الفلسطيني وتشريده طوال ما يقرب من ثمانية عقود ، فقد بقيت الأوضاع الصعبة متراكمة في واقعنا لتبقى تُشكل هالة من الحزن والإحباط الممتد "شعبيا وسياسيا" على كل مفاصل الواقع دون استثناء ، فحالة "القهر والهوان" تجذرت وتعمقت رغم كل ما يخرج عن "مهدئات الصدمات" لواقعنا العربي المرير ، لتفرض هذه الحالة نفسها ، وتصبح أمرا واقعا ، وتقفز الى منحى أكثر خطورة بتدمير ما تم انجازه وطنيا طوال عمر النكبة ، وما قدمه شعب فلسطين من تضحيات دفاعا عن قضيته الوطنية التي ربما لم تعد تعني شيئا أمام عدالة القضية وحق الشعوب بالتحرر والعيش بسلام .
اليوم ، تعود اجراس "النكبة" بينما "القضية الفلسطينية" تتراجع أمام انعدام التوزان وضياع البوصلة في المحيط العربي ، وتقف أمامنا نكبات تلو النكبات ، في حين ان كل المساعي قد احبطت الأمل بحل عادل ، بل ووصلنا لمرحلة ما بعد العبث ، بنفس الاحساس العبثي والقهري الممل ، ورغم أن هذا "الخيار" هو "الوحيد" القادر على تقديم حل في ظل الظروف الحالية المفروضة ، فإن أمال "تحقيقه" تنعدم لدى الجميع أما "حقائق الواقع" الحالي القمئ ، فكيف ستكون صورة المستقبل في ظل هذه الاوضاع ، هل سنصنع معجزة اليوم لتكون مخرجا من هذا الواقع كما كانت دماء الشهداء هي حامية اي مشروع وطني والتي ستبقى تعبد الطريق للخروج في كل مرة يجد الشعب الفلسطيني نفسه في أزمة خيارات لشكل المرحلة القادمة .
اليوم ، ومع إصرار الشعب الفلسطيني، على أن تبقى قضيته حية وبأحرفها الأولى وعدم طمسها وتغييبها وإنهائها، رغم شراسة الاحتلال وعظم المؤامرة الدولية والتحديات الجسيمة والتضحيات، فقد ساهمت ديمومة القضية والحضور القوي للمطالبة بالحقوق في ظل حضور السردية الفلسطينية في الضمير العالمي.
اليوم ، وبعد "٧٦" عاماً على النكبة تتجدد النكبات ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا جميعا أين نسير: نحو بوادر خروج من تكالب العالم على شعب اعزل أم غرق أكثر في تفاصيل المأساة .
والله المستعان