facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الطريق الثالث


السفير زياد خازر المجالي
13-05-2024 09:53 AM

خلال مقابلتين تلفزيونيتين قبل نهاية العام الماضي، وصفت التطورات في غزة بأنها باتت: كاشفة منشئة، وإن كان الوقت لم يسمح حينها لا توسع في ايضاح أبعاد ما أعنيه، فقط تريثت أيضاً في كتابة مقال حول ذلك وحول مجمل التطورات المستجدة التي جعلت العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني هو الموضوع والحديث الأهم على المستوى العالمي.

أولا : وإذا كانت التطورات في غزة كشفت العديد من القضايا المهمة في العلاقات الدولية والنظام الدولي، وباتت تضع علامة استفهام كبيرة على الأسس التي قام عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأمم المتحدة، حيث أن إعلان إنشاء الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو كان من الواضح أنه لم يحقق الهدف الرئيسي وهو بناء علاقات دولية قائمة على التعاون لما فيه مصلحة البشرية وليس على القوة والحرب والعالم كان خارجا من ويلات الحرب العالمية الثانية التي حصدت اكثر من ستين مليون إنسان أكثر من ثلثيهم من المدنيين.

فمباشرة كان الشرق الأقصى وجنوب أمريكا مواقع صدامات مسلحة وكان الرأي العام العالمي بما فيه الأمريكي يشاهد ((مع ضعف ما كان يتوفر من وسائل الرصد والاتصال )) تطورات الحرب في فيتنام وممارسة نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا ، إلى أن وصلنا إلى أن يصبح كل الرأي العام العالمي الآن يتابع تفاصيل ما يحصل في غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.

كشفت غزة إزدواجية المعايير الواضحة، وكشفت ممارسات اليمين المتطرف في إسرائيل كيف تتم الممارسات السياسية لمصلحة فئة وحتى أشخاص على حساب مصلحة الشعب الإسرائيلي، وأخطر وأكثر من ذلك بالنسبة ليهود العالم فقد باتت المقارنة مطلوبة بين الصهيونية كحركة عنصرية وبين اليهودية كديانة وتجمع بشري في إسرائيل وخارجها ومصالح اليهود ومخاوفهم من عقدة جرائم النازية بحقهم قبل منتصف القرن الماضي.

لقد كان وضوح ازدواجية المعايير هذه سبباً في الإشارة الواضحة والمباشرة لهذا الأمر من قبل جلالة الملك في خطابه أمام قمة السلام في القاهرة في /۲۱ تشرين الأول الماضي.

ومن بين ما كشفته غزة أن ما كان يفعله نتياهو منذ عام ۱۹۹٦ في الإنهاء التدريجي لثقافة السلام قد أوصل الرأي العام الإسرائيلي للأسف إلى ما تشير إليه الإحصائيات (( ولا أعرف مدى دقتها)) أن %٦٢% من الإسرائيليين لم يعودوا مؤمنين بحل الدولتين، وعندما تكون هذه النتيجة عنوان حوار سياسي لمن تضعف إرادته السياسية بالإيمان بحتمية حل الدولتين فلا يقدم هذا البعض طرحاً موضوعياً حول البديل: هل هو نظام حكم عنصري أم التهجير القسري للفلسطينيين؟ وإلى أين؟ أم دولة ديمقراطية - موهومة - لكل من يعيش على أرض فلسطين التاريخية ؟

وبالمقابل كانت النتيجة الطبيعية لدى نسبة من الشباب الفلسطيني خاصة من ولد بعد اتفاقات أوسلو وبعد جريمة اغتيال إسحاق رابين ووفاة عرفات بعده أن الإيمان بإمكانية إحلال السلام وإنشاء دولة فلسطينية بات ضعيفاً وضئيلاً ((وهذا إضافة للممارسات الاستعمارية الاستيطانية وانتهاكات المسجد الأقصى)) كان من الأسباب الرئيسية لإشتعال غزة يوم السابع من تشرين الأول - إضافة لأسباب موضوعية أخرى - وإذا كان من الواضح أن الشعب الفلسطيني قدم للعالم رسالة جديدة مؤكدة بأن القضية ليست فقط قضية رهائن وأسرى ولا قضية تعويض وإعادة إعمار حتمي لغزة أو وقف طموحات المتطرفين المستعمرين في الضفة الغربية، انما القضية هي حتمية نشوء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وأن أوهام تفتيت المواقف العربية حول هذا الشأن ثبت فشلها، وعندما تؤكد الأطراف التي أقامت اتفاقيات سلام مع إسرائيل (مصر والسلطة الفلسطينية والأردن) حتمية تنفيذ هذا المطلب، وإضافة إلى ذلك فالدول الأطراف في الاتفاقية الإبراهيمية، إضافة الى الحوار السياسي الحالي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة كلها تعلن موقفا واضحا جذوره خطة السلام العربية التي اتفق عليها في قمة بيروت عام ٢٠٠٢، وبهذه النتائج مجتمعة سيدرك الشعب الإسرائيلي ويهود العالم أن نتنياهو وكل من ينتمي لمدرسته المتطرفة كانوا في الحقيقة ألد أعداء الشعب اليهودي، فمرور 76 عاما على النكبة لم تزد الشعب الفلسطيني إلا إصراراً على نيل حقوقه التي تؤكدها الشرعية الدولية.

وخلال خطاب جلالة الملك أمام الدورة الثامنة والسبعين للأمم المتحدة كان تحذيره واضحا وكانت أحداث غزة تأكيدا لصحة ذلك التحذير المبكر من جلالته.

ثانيا : وإذا كانت صورة طفلة فيتنامية تهرب عارية من نيران قنابل النابالم قد هزت ضمير العالم بما فيه الرأي العام الأمريكي نفسه، وأسست لحراك مستمر أدى في النهاية إلى الانسحاب الأمريكي وإنهاء الحرب الفيتنامية، وذلك الرأي العام نفسه والذي كان للتو خرج من سياسة التمييز العنصري في الولايات المتحدة ذاتها ليرى ممارسة النظام العنصري البغيض في جنوب إفريقيا كان سبباً أيضا في الحشد وممارسة الضغط الدولي لأنهاء نظام الفصل العنصري هناك في تسعينات القرن الماضي.

والآن فإن هذا الرأي العام الأمريكي والعالمي بين يديه ما لم يتوفر له قبل عقود، ألا وهو التطور التكنولوجي وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي وهذا أمر لم تحسب له السياسات الصهيونية المتطرفة في إسرائيل أو في العواصم الغربية حساباً، فكان حصاد جرائم العدوان العسكري ضد المدنيين يتم تداوله مباشرة في أصقاع الأرض ولم تفلح سياسة استهداف الصحفيين وقتلهم في التغطية وإسكات صوت وصورة الحقيقة، فقد تمت تعرية اليمين الإسرائيلي المتطرف ليس ليصبح مادة البحث أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ولكن والأهم من ذلك في تقديري أمام جيل الشباب في عواصم العالم وأخيراً في الجامعات الأمريكية والأوروبية، هؤلاء الشباب هم وفق الديمقراطيات الغربية هم أصوات في صناديق الاقتراع ولكن والأهم أنهم بعد حين سيكونوا قيادات المستقبل ومهم أيضاً أن محركهم هو قيم إنسانية ومفاهيم مثالية لا تقيدها المصالح الوطنية ولا الحدود السياسية والجغرافية والحزبية، وهذه بحد ذاتها حالة تستحق الآن الدراسة والتمحيص من قبل أساتذة وفلاسفة النظرية السياسية.

هل ستكون هناك حتمية في صدام السياسات الوطنية ذات المصالح التي يمكن أن تنتهك القيم المثلى عندما يكون شعارها - الغاية تبرر الوسيلة مع مكون عالمي جديد عابر للحدود يلتزم المثاليات وحقوق الإنسان وموازين العدل؟!

وعندما كانت الإحصائيات ترصد أرقام الانتخابات الأولية ونسب الممتنعين عن التصويت في بعض الولايات الأمريكية وتأثير ذلك على الانتخابات القادمة في تشرين الثاني، كان هناك من يفكر: إلى متى سيبقى نظام الحزبين صامداً كحتمية مطلقة على رقاب الأمريكيين؟ وهل وضوح تأثير جماعات الضغط (ماليا وإعلاميا ، وبوسائل أخرى) سيجعل الأمريكيين وخاصة جيل الشباب يفكرون لتنمية وتطوير فكرة الحزب الثالث ومنهجه (الطريق المثالي الثالث) حتى وإن احتاج إلى زمن طويل !!

أما نحن في الأردن الدولة المحبة للسلام فهل يحق لنا أن نستمر بحلم تجسيد فكرة (( الطريق الثالث )) وهو طريق القيم الإنسانية العالمية وتعاضدها خارج نطاق الحدود السياسية والجغرافيا للدول ليكون الطريق الثالث صاحب اليد العليا في نظام دولي جديد واقعي، سواء قبلته الأمم المتحدة ميثاقا لها أم لا، وقبلته الدول الكبرى أم لا، مع أن المنطق والعقل يفرضان على الدول العظمى حقيقة وضرورة أن تعود للجلوس مع بعضها من أجل شرعية دولية تتجاوز المفاهيم السابقة لإنشاء منظمة الأمم المتحدة لأكثر من ذلك، لأن علاقات القوة في إطار التطور التكنولوجي الحالي تؤكد أن لن يكون هنالك رابح وخاسر في حال حرب كونية، وإنما الكل خاسر، وربما يكون ذلك وفق تقييم العلماء إنهاء للحياة البشرية على كوكب الأرض.

الكل يعلم أن على هذه الأرض ما يكفي في إطار التعاون ليكون كل الناس سعداء والكل يعلم أن خلق الإنسان والأديان لم يكن هدف الخالق عزّ وجل منه أن يقتل الناس بعضهم بعضاً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :