مع صفر المواقف .. تساؤلات تحتاج لإجابات حول تغيير مسمى "التربية"
الدكتورة ميمونة عبدربه
12-05-2024 10:26 PM
يأخذ الحديث عن نية الحكومة دمج وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة واحدة بمسمى جديد يحمل "وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية"، أبعاداً كثيرة من قبل مختصين، لجهة الغاية من هذه الخطوة، والفائدة المرجوة منها، والمبررات التي دفعت الحكومة لذلك.
وانطلاقاً من قاعدة صفر المواقف تجاه هذه الخطوة لا بد من الإجابة على تساؤلات أبرزها، هل هذا الدمج خطوة صحيحة تؤدي إلى الإرتقاء بالمنظومة التعليمية أم مجرد تغيير هيكلي، وهل لدى الحكومة إجابات شافية وسريعة ومقنعة بوجه أي تخوفات أو أوصاف مسبقة عادة ما ترافق أي عملية تغيير، تلك التي تلازم الطبيعة البشرية التي لا تتقبل التغيير بسهولة.
ومن المهم اليوم التذكير والإشارة إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني أولى قطاع التعليم اهتماما خاصا حيث أطلق العديد من المبادرات من أجل إصلاح مسيرة التعليم لبناء جيلٍ واع، مؤهل متسلح بالعلم والمعرفة، فلطالما آمن جلالته أن أفضل استثمار يكون في الإنسان .
وعليه واستناداً إلى تلك الرؤية الملكية، فإننا ندرك أهمية وجود مختصين ذوي خبرة وكفاءة وأصحاب فكر وأثر ونظريات تأتي بالجديد، تسهم في تحمل مخاطر أي تغيير، يدفعون بالمنظومة التعليمية إلى التقدم في ظل تراجع مستوى النظام التعليمي مؤخراً، وفق أرقام دولية مست مشاعر الأردنيين ودفعت بمكنون الأردني إلى أن ينتفض ويعود مستوى التعليم الأردني إلى سابق عهده.
وعطفاً على ما سلف، فمن المهم أن لا تكون عملية التغيير الجديدة لمسى وزارة التربية والتعليم، مجرد هيكل تنظيمي جديد "وحدات وأمانات تنظيمية" بل يجب أن يكون تغييراً وإصلاحاً بالعقول والمسارات التي تنظم المنظومة التعليمية، ويجب أن يكون لدى الوزير وقادة الوحدات الرئيسية في الوزارة نظرة ثاقبة وسياسات متناغمة وشاملة تؤكد على تكافؤ الفرص للجميع وآليات مؤسسية أكثر فاعلية وتوحيد العمليات بين هذه الأمانات بعيداً عن الإزدواجية.
ومن المهم أن يكون هذا التوجه تطبيق فعلي وحقيقي وعميق بعيداً عن التغيير الوصفي والشكلي ودمج للإدارات، بل يجب أن يكون لدينا نهضة فكرية تعليمية، وتعميق لاستخدام التكنولوجيا والعمل على رفع المستوى التعليمي أكثر ليعود الأردن إلى مكانته البارزة في مجال التعليم ودوره الطليعي في المنطقة، فنظام الأردن التعليمي كان محط تقدير وثقة لدول المنطقة، بحيث كانت المملكة محط جذب واستقطاب للطلبة في الدراسات العليا، وكذلك كانت مورد رئيسي للكفاءات التعليمية في عديد الدول العربية.
خلاصة القول، يبقى نجاح أي تغيير وتحديث في المنظومة التعليمية متصلًا دائما بالأشخاص القائمين عليها وفي إرادتهم المطلقة في السير نحو هذا الإصلاح المنشود، فالعمل الجماعي مع فهم دقيق للآليات يؤدي إلى منظومة نجد أثرها على الآجيال القادمة والذين هم بحاجة إلى نظام تعليمي يحقق أحلامهم ورغباتهم وتطلعاتهم، ونأمل أن يكون النظام التعليمي الجديد قادر على مواجهة العقبات ومجسراً للفجوات، فالأردن يستحق منا دوماً الإخلاص في العمل، وهذا أقل الواجب تجاه الأوطان.
الدستور