الرئيس الصيني يذكر المجر باختراعها للقلم الجاف
12-05-2024 12:25 PM
عمون - في مايو عندما يفوح عطر الزهور والعشب في السهل المجري العظيم ويملأ الهواء، سأقوم بزيارة دولة إلى المجر بدعوة من الرئيس توماس سوليوك ورئيس الوزراء فيكتور أوربان. ستكون هذه هي المرة الثانية التي آتي فيها إلى أرض الجمال والوفرة هذه في غضون 15 عامًا.
على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، التقيت بالقادة المجريين الزائرين في عدة مناسبات. لقد أقمنا صداقة عميقة. وإنني أتطلع بشدة إلى العودة إلى بلدكم لتجديد صداقتنا والعمل مع أصدقائي على وضع خطة جديدة للعلاقات والتعاون بين الصين والمجر في العصر الجديد.
المجر موطن للمناظر الطبيعية الرائعة والأشخاص الموهوبين، وتشتهر بتراثها التاريخي والثقافي المتجذر. الأعمال الملحمية للشاعر الوطني ساندور بيتوفي، والألحان القوية لعازف البيانو الموهوب الكبير فرانز ليست، أثارت إعجاب العالم. لقد ساهم الشعب المجري، كونه مجتهدًا وذكيًا ومنفتحًا وشاملاً ورائدًا ومبدعًا، في الحضارة الإنسانية من خلال اختراعات قلم الحبر الجاف الحديث والتصوير المجسم ومكعب روبيك، على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم تباعد بلدينا جغرافيا، إلا أن شعبينا صديقان منذ قرون. لقد وقفت الصين والمجر معًا في تضامن واهتمتا ببعضهما البعض في الأوقات العصيبة خلال الأزمة المالية العالمية وجائحة كوفيد-19، وسطرتا في ذلك العديد من قصص الصداقة المؤثرة. صداقتنا طويلة الأمد ناضجة وثرية مثل نبيذ توكاجي.
يصادف العام الجاري الذكرى السنوية الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية الصينية-المجرية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، ظلت العلاقات الثنائية تتطور وتنمو بشكل مطرد وسليم، وحققت نتائج ملموسة في المجالات كافة. نحن نحترم بعضنا البعض ونعامل بعضنا البعض على قدم المساواة، ونسعى إلى التعاون متبادل المنفعة، وكل منا ينظر إلى الآخر كشريك تعاون ذي أولوية. لقد مررنا بالصعوبات معًا وتحدينا سياسة القوة معًا في خضم أوضاع دولية متقلبة. ولقد وجدنا مسارنا الخاص الذي تنتهجه الدول ذوات السيادة لإجراء التبادلات الودية بشكل مستقل مع الدول الأخرى.
على مدار الـ75 عاما الماضية، ظلت الصين والمجر صديقتين جيدتين وتعامل كل منهما الأخرى بإخلاص. أبقينا طموحنا الأصلي للصداقة نصب أعيننا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بيننا. ولقد احترمَ كل منا ودعمَ مسار التنمية الذي اختاره الآخر لنفسه على حدة. إننا أظهرنا التفاهم وقدمنا الدعم لبعضنا البعض بشأن القضايا التي تمس مصالحنا الأساسية وتشكل شاغلاً كبيراً لنا. وقد سعدنا بالتقدم الذي حققه كل منا في التنمية الوطنية والنهوض الوطني. قمنا بتطوير درجة عالية من الثقة السياسية المتبادلة، وعلاقتنا الثنائية في أفضل حالاتها في التاريخ، وها هي قد شرعت في رحلة ذهبية.
على مدار الـ75 عاما الماضية، ظلت الصين والمجر شريكتين جيدتين في تعاون مربح للجانبين. ومن خلال التركيز على التعاون عالي الجودة في إطار الحزام والطريق، يعمل البلدان على تعزيز التضافر بين استراتيجيات التنمية وتعميق التعاون الموجه نحو تحقيق نتائج في مجالات مثل الاستثمار والبنية التحتية والتمويل والطاقة الجديدة وتكنولوجيا الاتصالات. يضخ تعاوننا زخما جديدا في التعافي الاقتصادي العالمي. وتعتبر المجر اليوم الوجهة الاستثمارية الأولى للصين، فضلاً عن أنها شريك تجاري مهم للصين في أوروبا الوسطى والشرقية. تعاوننا الثنائي قوي ومثمر وديناميكي.
على مدار الـ75 عاما الماضية، ظلت الصين والمجر صديقتين جيدتين وتعلمتا من بعضهما البعض. يعمل المركز الثقافي المجري في بكين منذ سنوات بنجاح. وسيتم قريبا افتتاح المركز الثقافي الصيني في بودابست رسميا. دورات اللغة المجرية مدرجة في مناهج العديد من الجامعات الصينية. تكتسب معاهد كونفوشيوس وفصول كونفوشيوس شعبية ومشاركة في المجر. وقد احتضنت المدرسة المجرية-الصينية ثنائية اللغة في بودابست عددا كبيرا من المجريين الذين يمضون قدما في صداقتنا. وتتزايد التبادلات والزيارات المتبادلة على المستوى دون الوطني. تصل رحلات الركاب الجوية المباشرة إلى رقم من خانتين أسبوعيا، ويجري اتخاذ تدابير لتسهيل السفر في الاتجاهين، ويحقق ذلك نتائج جوهرية. كلما زادت التبادلات بين شعبينا، ستصبح أسس صداقتنا أقوى.
تمر كل من الصين والمجر حاليا بمرحلة مهمة من التنمية. وتسعى الصين إلى تنمية عالية الجودة، وتعزز الانفتاح رفيع المستوى، وتعمل على بناء نفسها لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة على نحو شامل، وتدفع تجديد الشباب الوطني العظيم للأمة الصينية على جميع الجبهات من خلال مسار تحديث صيني النمط.
من جانبها، تبذل المجر قصارى جهدها لتحقيق مزيد من التنمية. وخلال زيارتي الوشيكة، آمل أن أعمل مع القادة المجريين لتجديد الصداقة التقليدية بين الصين والمجر، وتعميق التعاون متبادل النفع، والارتقاء بالشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والمجر إلى آفاق جديدة.
ــ يحتاج بلدانا إلى المضي قدمًا في الصداقة التقليدية وتعزيز الأسس السياسية للعلاقات الثنائية. ويُعد تعزيز الثقة السياسية المتبادلة حجر الزاوية في التنمية السريعة والمطردة للعلاقات الصينية-المجرية. إن الصين على استعداد للبناء على الـ75 عاما الماضية من علاقاتنا الدبلوماسية، والعمل مع المجر لوضع خطط عالية المستوى للعلاقات من منظور استراتيجي وطويل الأجل، والحفاظ على الزخم القوي للتفاعلات رفيعة المستوى، ودعم التبادلات الدورية والتواصل بشأن السياسات بين حكومتينا ومجالسنا التشريعية وأحزابنا السياسية. يتعين علينا أن نواصل دعم بعضنا البعض بقوة في القضايا التي تتعلق بمصالحنا الأساسية، وسيوفر ذلك ضمانة سياسية قوية للتنمية عالية المستوى للعلاقات الصينية-المجرية.
ــ يحتاج بلدانا إلى صياغة قدر أكبر من التضافر بين استراتيجيات التنمية والسعي بقوة لتحقيق معالم بارزة جديدة في التعاون العملي. سنعمل مع المجر من أجل إقامة تضافر أكبر بين مبادرة الحزام والطريق واستراتيجية الانفتاح الشرقي التي تنتهجها المجر، وتسريع بناء خط السكة الحديد بين بودابست وبلجراد ومشروعات التعاون المهمة الأخرى. وستظل الصين ملتزمة بتعزيز الانفتاح عالي المستوى. وسوف نعزز التعاون مع المجر في مجالات الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء وغيرها من المجالات الصاعدة، وننشئ قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة، ونخدم التنمية عالية الجودة في كل من البلدين.
ــ يحتاج بلدانا إلى توسيع التبادلات الثقافية والشعبية وتعزيز الدعم الشعبي للعلاقات الثنائية. إن الارتباطية الشعبية تعد مصدرًا لا ينضب لقوة العلاقات بين الصين والمجر. والصين على استعداد لتوسيع التبادلات والتعاون مع المجر في مجالات التعليم والثقافة والسياحة والرياضة والشباب والإعلام وعلى المستوى المحلي، ودعم تدريس اللغتين الصينية والمجرية، والاستفادة الكاملة من المراكز الثقافية، وتشجيع المزيد من التواصل والتفاعل بين الشعبين وبين مؤسسات البلدين. سنواصل العمل مع المجر لتحسين التسهيلات المتبادلة بشأن التأشيرات، وزيادة الرحلات الجوية المباشرة، وتيسير التبادلات بين الأفراد.
ــ يحتاج بلدانا إلى قيادة التعاون الإقليمي والحفاظ على الاتجاه الصحيح للعلاقات بين الصين وأوروبا. يتوافق التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا مع اتجاهات العصر والتنمية، ويخدم المصالح المشتركة لجميع الدول المعنية، وهو أيضا مكمل مهم للعلاقة الشاملة بين الصين وأوروبا. ظهرت حديثا علامات تشير إلى استقرار نحو الأفضل في العلاقات الصينية-الأوروبية. وفي ظل وجود شراكة استراتيجية شاملة بين الصين وأوروبا، فإن بين الجانبين مجموعة واسعة من المصالح المشتركة، والعلاقة بينهما تعاونية أكثر من كونها تنافسية وتتميز بتوافق أكثر من الاختلافات. ويتحمل الجانبان مسؤولية توفير مزيد من الاستقرار للعالم ومزيد من الزخم للتنمية العالمية. إننا على استعداد للعمل مع المجر لتعميق وتعزيز تعاون الصين مع دول وسط وشرق أوروبا، ولضمان النمو المطرد والمستدام للعلاقات بين الصين وأوروبا.
ــ يحتاج بلدانا إلى تعزيز التواصل حول الشؤون الدولية والتكاتف لمواجهة التحديات العالمية. في الوقت الحاضر، يتسارع التحول الذي لم نشهده منذ قرن من الزمان في جميع أنحاء العالم، وتستمر التحديات العالمية في الظهور. ويتعين على المجتمع الدولي أن يستجيب لذلك بشكل جماعي. لدى كل من الصين والمجر وجهات نظر ومواقف متشابهة بشأن الأوضاع الدولية والإقليمية. ومن الأهمية بمكان أن نبقى ملتزمين بالتضامن والتعاون، وأن ندافع عن القيم الإنسانية المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والنزاهة والعدالة والديمقراطية والحرية، وأن نمارس التعددية الحقيقية. يتعين علينا أن ندعو إلى عالم متعدد الأقطاب متساوٍ ومنظم، وإلى عولمة اقتصادية مفيدة وشاملة للجميع، وأن نسعى باستمرار إلى بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، ونضخ المزيد من الطاقة الإيجابية في حماية السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة.
وكما يقول المثل الصيني القديم: "لا يمكن لأي جبل أو محيط أن يفصل بين الناس ذوي التطلعات المشتركة". كثيرا ما يقول أصدقاؤنا المجريون: "الصديق الجيد أثمن من الذهب". وفي الرحلة الجديدة للعصر الجديد، تتطلع الصين إلى العمل بشكل وثيق مع أصدقائنا المجريين لكتابة قصص جديدة من الصداقة، وفتح فصل جديد من التعاون، والسعي بقوة لتحقيق مستقبل أفضل للشعبين.
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية