(المسيحيان والشركسي/ الشيشاني) في مواجهة خلل تعليمات قانون الانتخاب!
بسام حدادين
11-05-2024 09:35 AM
ينص قانون الانتخاب رقم 4 لسنة 2022 في المادة 50/4 ، على أن تحديد الفائز من المترشحين عن المقعد المسيحي والشركسي - الشيشاني، على القائمة العامة، هو من كان ترتيبه اكثر تقدماً في القوائم الفائزة التي حصلت على اعلى نسبة من الأصوات.
لكن التعليمات التي صدرت عن الهيئة المستقلة للإنتخاب اعتمدت تفسيراً، مغايراً تماماً لإرادة المشرع ، واعطت الحق لكل القوائم الفائزة بغض النظر عن نسبة الأصوات التي حصلت عليها القوائم ، بالتنافس على هذه المقاعد.
وهذا الحسم في تفسير منطوق المادة (50/4 ) من قانون الانتخاب النافذ، لا ينسجم بتاتاً مع إرادة المشرع؛ إذ باستقراء المادة ( 50/4) الصريح نجدها تنص على أنه (يتم ملء المقاعد المخصصة لهم من القوائم التي حصلت على أعلى نسبة، واشتملت على مسيحي أو شركسي أو شيشاني وبحسب الأعلى في القائمة).
هذا النص القانوني يحصر ملء المقاعد المخصصة للمسيحيين (مقعدين) والشركس والشيشان (مقعد واحد) في "القوائم التي حصلت على أعلى نسبة" في حين أن التعليمات الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب، و المنشورة في الجريدة الرسمية، أسقطت مركز "القوائم التي حصلت على أعلى نسبة" واعتبرت أن الفائز بالمقاعد المخصصة للمسيحيين والشركس -الشيشان بحسب (القوائم الأعلى ترتيباً) من بين جميع القوائم الفائزة التي تجاوزت العتبة!
النص ساطع كالشمس في رابعة التحديث السياسي، و(لا اجتهاد في معرض النص) كما اتفق فقهاء القانون، وبعبارة أكثر بساطة، لو أراد المشرع اعتماد تفسير الهيئة المستقلة للانتخاب؛ لعبر المشرع عن ذلك بوضوح لا لبس فيه!
السؤال الكبير هنا والإشكال المحتدم قانونيا وسياسيا واستحقاقا:
على أي سند من الواقع و/أو المنطق و/أو القانون ذهبت الهيئة المستقلة للانتخاب في اعتماد تفسيرها الخاص الذي ساندها فيه ديوان الرأي والتشريع؟!
بادرت للحصول على أكثر من استشارة قانونية من كبار المختصين القانونيين، الحزبيين والمستقلين؛ فألفيتهم أجمعوا على تفسيري لمنطوق المادة ( 50/4 )، فقررت التواصل بأصحاب القرار في الهيئة المستقلة للانتخاب ، لأستجلي الأمر؛ فكان أن أقروا بوجود لبس وعدم وضوح في نص المادة 50 من قانون الانتخاب النافذ، وهي المادة ذات الصياغة الركيكة لغة وقانونا! وأنهم في الهيئة اعتمدوا على نص المادة ( 50/5).
فماذا يقول نص ( المادة 50/5):
"إذا تساوى ترتيب المترشحين عن المقعد المسيحي أو الشركسي أو الشيشاني في أكثر من قائمة، يتم الاحتكام إلى العدد المطلق للقائمة".
وتفسيرهم لعبارة "في أكثر من قائمة " أن المشرع لم يميز بين القوائم الفائزة واعتبر أن من حق جميع القوائم الفائزة أن تنافس على هذه المقاعد، بغض النظر إن كانت من أعلى القوائم التي حصلت على أعلى نسبة أو أقلها نسبة"!
هذا تفسير رغائبي، لا علاقة له بالنص الصريح للمادة ( 50/4)التي تحصر التنافس على هذه المقاعد بين القوائم التي حصلت على أعلى نسبة.
في ضوء ما تقدم أدعو المختصين في القانون كافة، وخاصة ذوي الخبرة في النظم والقوانين الانتخابية ، وأصحاب الخبرة الانتخابية، إلى أن يدلوا بدلائهم في هذا الإشكال القانوني الجسيم.
ادعو الحكومة ، لتصويب الخطأ في التعليمات بما ينسجم مع نصوص قانون الانتخاب، لأنه لا يجوز للتعليمات أن تنشئ مراكز وحقوق قانونية تخالف نصوص القانون؛ ولا ارى جدوى من الطلب من ديوان التشريع والرأي البت في هذه الإشكالية القانونية، لانة جزء من الإشكالية ومخرجها.
اللهم اشهد اني قد بلغت.