رفعت وكالة التصنيف الائتماني موديز تصنيف الأردن السيادي من B1 الى Ba3 مع نظرة مستقبلية مستقرة في تحسن تاريخي غير مسبوق منذ 21 عاما. هذا إنجاز اقتصادي ومالي كبير، شهادة من مؤسسة عريقة معتمدة كمرجعية دولية تقاريرها توجه وتحفز قرارات منح القروض، أو إعطاء المنح، أو الاستثمار وحسابات المخاطر المرتبطة به. الوكالة الدولية توقعت أيضا انخفاض نسبة الدين في الأردن إلى 80 % من الناتج المحلي الاجمالي بحلول 2028 من حوالي 90 % عام 2023، وانخفاض نسبة العجز السنوية بالموازنة لتكون بين 1.5 و 2 بالمائة في المرحلة القادمة. تأتي هذه الأخبار الاقتصادية المشجعة جدا كمنجز وطني حقيقي محترم في ظل غليان إقليمي لا يتوقف منذ الازمة السورية مرورا بكورونا وانتهاء بالحرب في غزة التي كان لها تداعيات كبيرة وخطيرة على اقتصادات الدول في الشرق الأوسط. الأردن ومن خلال رفع تصنيفه يقول للعالم أجمع والمانحين والمستثمرين إن ها هنا دولة قوية صلبة تبني تحت الضغط والقصف الإقليمي، وتواجه تداعيات الإقليم بكل قوة وصلابة ومنعة، وتستمر باتخاذ القرارات الصائبة غير الشعبوية بالرغم من كل الضغوط السياسية والشعبوية.
كيف تسنى للأردن تحقيق هذا الإنجاز الكبير والهام؟ الجواب ذو عدة أبعاد يطول شرحها، لكن أقواها بتقديري المؤسسية المترسخة بالدولة الأردنية خاصة في شؤونها السيادية، مدعومة بقيادة كانت دائما تدعم وتشجع القرار الصائب الحكيم وتسنده بشجاعة. الأردن اشتد وقوي لانه كان دائما موضوعي الطرح والقرار بعيدا عن الشعبوية، وقيادته رسخت هذا النهج الحكيم، وبرنامج إصلاحنا المالي دليل حي على ذلك. برنامج إصلاحنا المالي والائتماني عابر للحكومات فيه مصلحة إستراتيجية للبلد، في أن يصل اقتصادنا وماليتنا العامة لمرحلة من التوازن والاستقرار، من خلال إجراءات وإصلاحات توصل الأردن أن يكون دولة تنفق بحجم إيراداتها، ولا تتصرف كدولة نفطية ريعية وهي لا تقوى على ذلك. إستراتيجياتنا المالية الإصلاحية والدفاعية والأمنية نماذج على قوة المؤسسية في الأردن وقدرته على العمل والتطور والإصلاح، وكان لدينا إستراتيجيات بعديد من القطاعات منها المائية والطاقة وغيرها إلى أن عبث بها العابثون طمعا ببصمات زائفة لم يحصلوا عليها.
رفع تصنيف الأردن الائتماني السيادي مهم وتاريخي بكل المقاييس، يأتي من جهات محايدة لا تعرف المجاملة وليست مضطرة لها، لكن يبقى التحدي كيف سيلمس المواطن أثر هذا الإنجاز ومتى؟ المواطن يريد تحسنا بظروف معيشته الاقتصادية من زيادة القوة الشرائية وتخفيض معدلات البطالة، وهذه المؤشرات الاقتصادية سوف تتحسن وان ليس بشكل مباشر وسريع. لذا، ما يجب أن نقوله للمواطن باستمرار أن الأردن ولولا سياساته الإصلاحية الاقتصادية والمالية لكان في ظروف أصعب وأشد بكثير بالنظر للتحديات الكبيرة التي تعرض لها من الإقليم، ومن المفيد جدا استمرار المقارنة مع الدول التي لم تلتزم بالإصلاحات وما وصلت اليه. علينا أيضا أن نقول للناس ان هذه الإنجازات مهمة وعميقة على المدى الإستراتيجي وربما ليس آنيا، من شأنها أن تنعكس على الاقتصاد لأنه سيصبح مستقرا جاذبا للاستثمار والمنح، وهذا بدوره سيرفع معدلات النمو ويزيد من قدرة إنتاج فرص العمل.
إنجاز وطني مهم ترفع له القبعات.
الغد