ثنائية التفكير وضدية النهج تؤدى دائما لحدية بالاستقطاب كونها تقف على الثابت المطلق الذي يرفض الآخر ولا يقبله وهى جملة تفكير تقود غالبا لاشعال حروب واشعال نزاعات بهدف إقصاء الاخر ومعاقبته لكنها طريقة تفكير مغلقة غير سوية كونها تغلفها ايديولوجيا شمولية بإصدار الأحكام على ميزان الأحداث مع أن كل المعادلات التي تقوم عليها العلاقات الإنسانية تقوم على النسبية في مسار الصح والخطأ مهما حملت مجالاتها الاستقطابية من خصومة او ضدية فلا أحد يحتكر الحقيقة لأن الجميع يقف على زاوية نظر متباينة يجعله يرى جزأ منها وليس الصورة الكلية لها وهذا ما يجب على الجميع معرفته عند تقييمه لحالة الاصطفاف أو عند إصدار حكمه على المشهد العام.
فقد نختلف على طريقة التسمية باصدار حكم الابادة الجماعية على هذا الطرف او تلك الشخصية لكننا جميعا لا نختلف على سلامة الإنسان وضرورة حفظ أمانه بالعمل اولا على وقف حرب التقتيل بعناوين التهجير التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ قرن من زمان وهو يقبع تحت بطش الاحتلال، فالعنف والاضطهاد لن يؤدي للسلام والحدية بالطرح لن تولد قناعة ولا تزرع أمان وهو الهدف الذي لا يمكن تحقيقه بالقوة مهما استفحلت في غيها ولا تفرضه آلة حرب عسكرية مهما تفوقت فى ميدان المعارك فالنصر يصنعه القبول الذي يقوم على الاعتراف بالآخر واحترامه حتى بالخصومة هذا ما يجب على الجميع بيانه قبل الانحياز لهذا الطرف او الاصطفاف مع ذاك.
فلا أحد يقبل الاحتلال والكل يرفضه كما يرفضه القانون الدولى والقانون الانساني والكل لا يقبل سياسة الإذعان بالقوة لأنها لا تولد إلا مزيدا من الكراهية والبغضاء وهو ما بينه كاتب التاريخ منذ الأزل بتعددية العقائد وتنوع المذاهب وليس فى مطلق بيان توحيدها فلو شاء الخالق لجعلها واحدة لكنه أراد أن يرسى حالة التعددية للانسانية جمعاء وهذا ما يجب على الأسرة الدولية فهمه عند الوقوف عند مسألة القضية الفلسطينية وعند وضع هذه المسألة في ميزان المكيال العادل.
فالانحياز المسبق للاثنية السامية أو للأيديولوجية الصهيونية مهما بلغت في غيها هو أمر مرفوض كما أن مسألة الانحياز للمحتل أمر مستهجن وغير مقبول والحلول العسكرية هى أيضا تندرج بهذا الاطار لأن نتائجها ستكون سلسلة من الحروب المتصلة التي لا تحمل محصلة او نتيجة إلا حالة من عدم الاستقرار التي تفرض على الجميع التعايش معها بعنوان إدارة أزمة بدلا من العمل على حلها بالطرق السلمية على طاولة الحوار التي تعتبر أساسا فى فض الاختلافات الإنسانية باحترام المواثيق الأممية والقوانين الدولية التى من المفترض أن تشكل للجميع مرجعية للحكم ومنهجا للاحتكام.
وهي جملة البيان التي راحت تبينها الملكة رانيا العبدالله صاحبة كاريزما التأثير المميزة فى المؤتمر العالمى "نحو تشكيل مستقبل مشترك" عندما اكدت على اهمية احترام الإنسان على تنوع فكره او اختلاف لونه أو تباين عرقه، فالمجتمعات كما الانسان يجب ان تكال وفق مكيال سيادة القانون الواحد ومن يتجاوز فيها عن حدود القانون والقيم الإنسانية يعاقب والانحياز يجب أن يكون لصالح الإنسان وأمنه ولصالح الانسانية وقيمها التي أكدت عليها الحضارات الانسانية جمعاء التى بينها القانون الدولي والانساني، سيما أن رسالة الأمان تبدأ باحترام الإنسان وتنتهى عند الشروع بإقصائه وعند ارتكاب أفعال وحشية بحقه اوعند ممارسة سياسية التجويع والترويع بهدف اقتلاعه من أرضه، وهى ممارسات من المفترض أن لا يقبلها أحد وتتوحد الانسانيه جمعاء لصون قيمها وإخماد نيرانها وذلك بتجفيف منابع تأجيجها كونها لا تخدم الأمن الإقليمي ولا السلام الدولى التى تضمنتها منهجيته والتى راحت لتؤكد الملكة رانيا عليها لتشكيل مستقبل مشترك للعالم بفحوى الانسان اولا.